اشتقتُ كثيراً إلى نفسي
ريحابْ أبو زيدْ
مرّتْ عليّ الفترةُ الماضيةُ بضغطٍ شديدٍ في الحياةِ شعرتُ بعدَ تلكَ الفترةِ أنني مجردُ آلةٍ، ومَنْ حولي يتعاملونَ معي على أنني آلةٌ ، فجميعُ منْ حولي تعودوا على أنْ يأخذوا فقطْ، دون التفكير في أنني مثلهمْ لي حقوقٌ وواجباتٌ.
أعلم جيداً أنني مَنْ عودتهمْ على ذلكَ.
كما أعلمَ أنني أدفنُ نفسي في دائرةِ العملِ حتى لا أفكر كثيراً في تلكَ الحياةِ، وأيضاً حتى لا أفكر في بعضِ القلوبِ المتشبعةِ بالأنانيةِ.
في تلكَ الفترةِ ابتعدتُ كثيراً عنْ قلمي الذي كنتُ أعتبرهُ صديقي المقربُ الذي يدوّنُ كلّ ما بداخلي، وابتعدتُ عنْ منْ حولي، فوجدتُ أن ذلكَ الشعورِ محزن جداً، فعندما تسعى لتأديةِ واجباتكَ فقطْ دونَ أنْ تفكرَ في حقوقكَ، فوقتها تشعر أنكَ لستَ أنتَ، ولا تعرفُ منْ تكونُ؟ ولا ماذا تريدُ؟ ولا إلى أينَ تسيرُ؟ ويسيطر عليكَ الشعور بالغربةِ حتى ولوْ كنتُ داخلَ وطنكَ ووسط أهلكَ. بعدُ تلكَ الفترةِ وجدتُ نفسي أشتاقُ لنفسي كثيراً، نعمْ أشتاق لها، لضحكاتها، لمرحها، . . . . ، كما أنني اشتقتُ لقلمي الذي كنتُ أبحثُ معهُ عنْ كلّ ما افتقدهُ في تلكَ الحياةِ، ويمرّ شريطُ ذكرياتٍ في خاطري لأتذكرَ أنني كنتُ أضحكُ وأفرحُ وأرسمُ خطوط مستقبلي لأرتقي بذاتي، أما الآن، فبعيدة تماماً عنْ الضحكِ والفرحِ ولا أعلمُ لماذا؟
هلْ بسببِ الخذلانِ الذي قابلتهُ منْ البعضِ؟ أمْ بسببِ ظروفِ الحياةِ الصعبةِ؟
لا أنكر أنّ تلكَ الفترةِ كانتْ درساً لي، درساً يثبتُ لي أن لا أحد يخرجكَ منْ تلكَ الضغوطِ ويغيّرُ ذلكَ الشعور إلا أنتَ.
نعمْ أنتَ فقطْ، فهذا زمنٌ انتشرتْ فيهِ الأنانيةُ بشكلٍ كبيرٍ فأصبحت المبادئُ للكلامِ فقطْ دونَ فعلٍ، فنجدُ منْ يتكلمُ عنْ الرحمةِ وهوَ مفتقدها في التعاملِ، ونجدُ منْ يتكلم عنْ العدلِ وهوَ لايعرفْ معناهُ، ومنْ يتكلمُ عنْ الإيثارِ وقلبه محاط بالأنانيةِ ووو . . . فلا ننسى أن لا أحد سيمسحُ دمعتكَ إلا يدكَ، ولا أحد سيطبطب عليكَ إلا يدكَ، فسلاماً على القلوبِ الطيبةِ والأرواحِ الطاهرةِ التي ما زالتْ تنبضُ رحمةً، وسلاماً على قلوب طيبة رحلتْ روحها وجسدها وما زلنا نعيشُ على ذكرى حنانها.
أخيراً: لا تدَعْ ضغوطَ الحياةِ تؤثرُ في نقاءِ قلبكَ ولا تترك للحزنِ باباً موارباً ليتسللَ داخلكَ.
عاند الضغوطات، وارسم البسمةَ والفرحةَ على وجهك.