السياحة والتنمية الريفية
محمد علي البدوي
يصادف عام ٢٠٢٠ عام السياحة والتنمية الريفية، وهو موضوع مشترك مع يوم السياحة العالمى لهذا العام. ومن المعلوم أنه لن تنجح استدامة السياحة فى المناطق الريفية إلا إذا تم اعتماد إستراتيجيات تخطيط شاملة، وتنفيذها على أساس نهج تشاركى متعدد الأطراف ومتعدد أصحاب المصلحة.
وتهدف توصيات منظمة السياحة العالمية بشأن السياحة والتنمية الريفية إلى دعم الحكومات على مختلف المستويات، وكذلك القطاع الخاص والمجتمع الدولى لتطوير السياحة في المناطق الريفية، بطريقة تساهم في التنمية الشاملة والمستدامة والمرونة.
ليس هناك ثمة شك بأن السياحة الريفية تتمتع بإمكانيات عالية لتحفيز النمو الاقتصادى المحلى والتغيير الاجتماعى بسبب تكاملها مع الأنشطة الاقتصادية الأخرى، ومساهمتها في الناتج المحلى الإجمالى وخلق فرص العمل، وقدرتها على تعزيز تشتت الطلب في الوقت المناسب (محاربة الموسمية)، وعلى نطاق أوسع منطقة متاحة.
تتفهم منظمة السياحة العالمية السياحة الريفية على أنها “نوع من النشاط السياحى” ترتبط فيه تجربة الزائر بمجموعة واسعة من المنتجات المرتبطة عموما بالأنشطة القائمة على الطبيعة والزراعة، ونمط الحياة والثقافة الريفية والصيد ومشاهدة المعالم السياحية.
وتتم أنشطة السياحة الريفية فى المناطق غير الحضرية (الريفية) مع الخصائص التالية:
١-انخفاض الكثافة السكانية.
٢-المناظر الطبيعية واستخدام الأراضى الزراعية.
٣-الهيكل الاجتماعى التقليدى وأسلوب الحياة.
ومع رؤية منظمة السياحة العالمية لجعل السياحة قوة إيجابية للتحول والتنمية الريفية ورفاهية المجتمع،أطلقت منظمة السياحة العالمية مبادرة “أفضل القرى السياحية”.
تسعى المبادرة إلى تعزيز دور السياحة في تقييم وحماية القرى الريفية جنبا إلى جنب مع حماية المناظر الطبيعية، وأنظمة المعرفة، والتنوع البيولوجى والثقافى، والقيم والأنشطة المحلية (الزراعة والغابات والثروة الحيوانية أو مصايد الأسماك الداخلية)، بما في ذلك فن الطهو المحلى والتقاليد الشعبية.
كما تولد السياحة الريفية القدرة على الابتكار والتصميم على الحفاظ على المكتسبات المعنوية والاستفادة القصوى من النشاط الذى يواكب السياحة الريفية.
أول هذه المكتسبات هو الحد من ظاهرة الهجرة من الريف، فلطالما توفرت فرص العمل تحولت القرى إلى مراكز جذب سكانى، وانحسرت ظاهرة الهجرة بشكل واضح.
ثم يأتي الدور الثقافي، والذى يهتم بالحفاظ على كافة أشكال الموروثات الشعبية سواء كان ذلك عادات وتقاليد أو فنون مختلفة، أو حتى لهجات ولغات.
وتوفر السياحة الريفية الإطار والتوجيه والإلهام لجميع الحكومات، وكذلك جميع أصحاب المصلحة الرئيسيين الآخرين في قطاع السياحة، بما في ذلك الحكومات الإقليمية والمحلية، والقطاع الخاص، والجمعيات الزراعية، والمجتمع المدني، والمجتمعات، والسياح؛ بهدف تعزيز نهج شامل ومتكامل لتنمية المجتمع من خلال السياحة الريفية.
وتعتبر السياحة الريفية المسؤول الأول عن المحافظة على التراث الثقافى للسكان المحليين دون الإضرار بالمصالح المشتركة لكل أصحاب المصلحة.
لذلك تعتبر السياحة الريفية محرك وداعم لتطوير القرى والمناطق الريفية والمحفز الأهم لتحويل هذه المناطق إلى مراكز إنتاج، معتمدة فى ذلك على الأيدى العاملة المحلية والمنتجات والمواد الخام المحلية، مما يعزز من فرص قيام اقتصاد يعتمد على ذاته، ويوفر البيئة المناسبة للنمو والنهضة الاقتصادية ولو على نطاق محدود.
وتستطيع السياحة الريفية مع تخطيط شامل أن توفر مزيدا من الازدهار للمتعلقين بها، سواء ممن يعملون بأنشطتها المتنوعة أو ممن يستثمرون أموالهم في تلك الأنشطة.
كما أنها توفر الوقت والمجهود والمال للسائح، فهى من أنماط السياحة التى يطلق عليها السياحة الموفرة.
فالسائح فى بلاد عدة يستطيع أن يقود سيارته لمسافة قصيرة متوجها نحو إحدى القرى القريبة من محل سكنه لقضاء يوم بين أحضان الطبيعة، بعيدا عن ضوضاء وصخب المدينة، مستمتعا بكافة الخدمات والأنشطة التى توفرها له القرية.
وأقرب الأمثلة وضوحا على ذلك هو لجوء الأسر والعائلات إلى الحدائق العامة والمتنزهات بحثا عن بضع ساعات من الراحة بين أحضان الطبيعة.
ولقد تحول الأمر في معظم القرى الأوروبية إلى ما يشبه القاعدة العامة، فمعظم القرى رفعت من كفاءة بنيتها التحتية، وأتاحت الفرصة للمستثمرين للعمل فى ظل قوانين تحمى وتحفظ حقوق كافة الأطراف.
الحديث عن السياحة الريفية لن يكفيه مقالة واحدة، وسوف نوالى الحديث عن هذا النمط السياحى الفريد، وأهميته للاقتصاد المحلى والعالمى.
حفظ الله شعوبنا العربية