حالة طوارئ… الإنسانية في أوجها
أحمد بن موسى بن محمد البلوشي
” طالما أنّ هناك عماني واحد لم ينعم بالعودة إلى الحياة الطبيعية ستبقى كافة أجهزة الدولة في حالة طوارئ”، فعندما تسمع مثل هذه التصريحات من مواطن قبل أن يكون مسؤولاً تأكّد بأنّ الإنسانية في أوجها، وأنّ الإنسان على هذه الأرض المباركة له قيمة وحضور، ويمثل الكيان والعمود الفقري لها، وهو حجر الزاوية في هذا الوطن، وأنّ جميع وحداته ومؤسساته أُنشِئَت لخدمته وتقديم العون له في كل الظروف التي يمر بها، وهذا ما عهدناه وتعودنا عليه في السلطنة منذ بزوغ فجر النهضة العمانية؛ فالكثير من المواقف التي شاهدناها وتعاملنا معها تجسد لنا الإنسانية في أجمل معانيها، وهذا ليس غريباً على شعب عُمان وحكومته، فالشعب والحكومة قالب واحد والكل مكمل لبعض، فالمجتمع العماني مجتمع يتميز باللحمة الوطنية والتكاتف الشعبي وفي كل حالاته سواء في الأفراح أو الأتراح، والصور التي شاهدناها في إعصار شاهين من قبل المجتمع العماني يدل على أنّ هذا الكيان كيان إنساني بالدرجة الأولى، فالكل قلب واحد ونبض واحد ويد واحدة تعمل لأجل الجميع، تعمل لأجل الإنسان والإنسانية، والإنسانية كما يعرفها البعض هي: “مجموعة من الأفكار والتصرفات الحميدة الصادرة عن الفرد، والتي تدمج ما بين العقل والروح؛ لتُبين أهمية وجود الإنسان وقيمته في المجتمع”، فمن خلال تصرفات الأشخاص وتعاملاتهم يتبين لديك مدى الإنسانية التي يتمتعون بها.
ومن البديهيات أنّ الإنسان يعيش في هذا العالم الفسيح الممتد، وهو يدرك بأنّه في يوم من الأيام سيحتاج لغيره، ومهما كان يمتلك من مال وسلطة وجاه، فإنّه لا يستطيع العيش وحيداً، ولا منعزلاً عن الآخرين، فهو يحتاج لهم، وهم يحتاجون له، وتظهر الإنسانية في أسمى معانيها من خلال أفعال المرء وتصرفاته مع الآخرين؛ فعندما يقوم مجموعة من المتطوعين بتنظيف منازل الذين تضرروا من إعصار شاهين، فإنّ هذه الأعمال التطوعية دليل واضح على قيم الإنسانية النبيلة، وعندما يبادر آخرون بتوفير المستلزمات البسيطة اليومية للمتضررين من الإعصار دون مقابل؛ فاعلم بأنّ هذا المجتمع مجتمع إنساني من الدرجة الأولى.
يقول هولمز ” إنّ الإنسان- كل إنسان بلا استثناء- إنما هو ثلاثة أشخاص في صورة واحدة، الإنسان كما خلقة الله، والإنسان كما يراه الناس، والإنسان كما يرى نفسه”، فالإنسانية من أنبل وأجمل الصفات التي يجب أن يتحلى بها الجميع، فبها تخلق مجتمع متكامل ومترابط، مجتمع يسوده العطف والحب، وتربطه العلاقة القوية والوطيدة.
وكن على يقين عزيزي القارئ بأنّ الإنسان حين يتحلى بالإنسانية؛ فإنّه يزرع في مجتمعة هذه الخصال الرائعة التي سيرى آثارها فيه، فازرع الإنسانية في أسرتك وفي مجتمعك؛ لترى نتائجها في المواقف التي تحدث، وما رأيناه من مواقف إنسانية رائعة -في إعصار شاهين- دليل واضح بأنّ نتائج الإنسانية كانت واضحة وجليّة، فشكراً لمن تحلى بها، وبارك الله فيمن زرعها في بيته ومجتمعة، وجزاه الله عنّا خير الجزاء.