الرعاية النفسية والاجتماعية للموهوبين (2)
د. إنعام بنت محمد بن صالح المقيمية
لقد حظيً مفهوم الذات بقدر كبير من الأهمية في أدب تعلّم الموهوبين، والتقليل من شأنه يُحدِث مشكلات توافقية نفسية أو اجتماعية لدى الموهوب، حيث إن التوافق النفسي والاجتماعي يحدث عندما يتحسن مفهوم الذات لدى الموهوب المتفوق. فمن خلاله يكون مفهوماً إيجابياً عن ذاته وعن الآخرين، فمفهوم الذات مفتاح الشخصية السوية، وطريق الوصول إلى النجاح والتوافق الشخصي والاجتماعي والمهني، بل والإبداع والتفوق الدراسي، ولأن الفرد مستمر في التفاعل مع محيطه المادي والاجتماعي فعملية التوافق النفسي والاجتماعي عملية مستمرة تهدف إلى المحافظة على التوازن لدى الفرد أو إعادة التوازن عند حدوث أيّ خلل فيه، وذلك عبر إشباع مطالب نموّه وحاجاته وتخفيض التوتر لديه، كما أن التوافق النفسي من الموضوعات الحيوية التي استهوت الكثير من العلماء والباحثين في مجال عِلم النفس وعلم الاجتماع، إذ إنه يهتم بمعرفة ودراسة العلاقات الاجتماعية وإشباع الرغبات والحاجات الشخصية منسجمة مع متطلبات الموقف، كما أن الفرد ذو التوافق النفسي الاجتماعي السلبي يُعد شخصاً غير توافقي وواقعي وغير قادر على إشباع الرغبات والطموحات المتعلقة بتحقيق الأهداف، في حين نجد الشخص المتوافق نفسياً واجتماعياً هو القادر على إدراك المواقف والتصرف والتأقلم مع مجريات الظروف التي يطلبها الموقف والاستمرارية بنجاح. وإن إدراك الفرد لقدراته وإمكانياته وتفسير مدى الإيجابيات التي يتمّ التصرف بها من العوامل المهمة التي يمكن من خلالها الوصول للمستوى المطلوب في الأداء، ومما لا شكّ فيه أن التوافق النفسي والاجتماعي وإدراك الفرد لذاته من أساسيات نجاح علاقات الفرد الاجتماعية سواء كانت مع الفرد نفسه أو مع أصدقائه أو أسرته أو جيرانه، وبالتالي الانسجام والتكيّف والتأقلم مع طبيعة المجتمع الذي يعيش فيه.
والتركيز على الرعاية الاجتماعية والنفسية للطلاب الموهوبين المتفوقين من خلال تحسين ذواتهم يُعدّ من أقوى وأفضل وأسرع الطرق لنمو حياتهم واستقرارهم فهم بُناة النهضة وقادة المجتمع.
والاهتمام بهذه الفئة الخاصة إنما يتطلب منا أن نقف مع الموهوبين المتفوقين ليستغلوا طاقاتهم بطريقة إيجابية، فهم لا يختلفون في احتياجاتهم الإرشادية عن الطلبة العاديين ولكن خصائصهم المختلفة تتطلّب حاجات معينة لا بدّ من أن نقف عندها، فإهمال هذه الحاجات سيؤدي إلى معاناتهم ومعاناة من حولهم وخاصة أفراد أسرهم ومعلميهم.
للحديث بقية…..