الحظ العاثر
خديجة الإدريسي
إنّني لسْت عصبياً أو غَضوباً بطبيعتي، لكنني أفعل ذلكَ أَحْياناً على شيء تافه لا يستحق. ذلك لأنّني أراكم الوقائع السَّابقة ، لا أَنْساها تماماً فأَرْتاح، ولا أتذكَّرها دائماً لأتخلص من ذلك المحرِّك المليء بالشقاء حتى لا ينتابني الشعور المغتث. كما أعترف أنَّني كثير السُخط ، سريع اللوم،لا أعرف كيف تمتزج هذه الصفات مع بعضها ،لكنَّها امتزجت في باطني و انتهى الأمر. إنّ كل هذا هو نتيجة لحــظي العاثــــر الذي لا يخذل معناه المشؤوم بالنسبة لي . إنّني أعقد صفقة مع الموت. أريد أن أعرف ماهية هذا الحظ ، كيف له أن يأتي عابساً إن أتى بعد زلة و عثرة و نومة و غياب شبه أبدي !!
لو كان هذا الغياب غياباً بمعنى العدم ( لم يكن موجوداً من الأصل) ، لما كان في نفسي شيء يتمنى وجوده ، إنه عالق بين الحضور و الغياب ، هذا ما ينفطر به قلبي . أتمنَّى أحياناً أن لَا يكون هناك شيء اسمه الحظ حتى لا ألقي عليه كل إخفاقاتي و انهزاماتي .
الضَّوء الذي بداخلي أصبح مرئياً ، تتحسسه الطرقات ، و تصدّ عنه أعمدة الإنارة ، تخذله الأرصفة ، الحديث الذي كنت أتجاذبه مع الوحدة بعد أن ألوكه كثيراً انحصر في ابتسامة مزيفة لا أشعر بجهد في فعلها .
يا للعنة ! حظي ينتصب لي شيطاناً مريداً دون أن يتركني و شأني ، يوهمني بأنّني لن أرتشف منه سوى ماء الحياة ، حتى إذا تجرعته بطمأنينة كأن سمَّ الموت البطيء الذي يعجل بنفسي أن تهلك و هي حية، هذه لعنة ! شيء ما يلازمني يفسد الأمور و يعقدها، و إن هي تمت لا يدعها تتم في صورة طبيعية.
إن الحظ العاثر يوهن العقل لدرجة أنّه يشله مؤقتا . و حين يحرم العقل من أي تفكير حر، يصبح عندئذ عاجزاً عن اتخاذ أي قرار ، و يعجز أيضاً عن التخطيط للهرب من الأفكار الفصامية الصبيانية . كان اليأس بكل بساطة قد حجّر عقلي فلا سلطة للماء على جريانه . لقد انتهيت بالتسليم لقدري ، لم أكن يوماً ضعيفاً و لا عديم الإرادة ،لكن مثل هذه التجارب تتطلب بعض الوقت لاستعادة التوازن !!