طموح الملائكة
أحمد بن موسى بن محمد البلوشي
ما أروع الإنسان حين يعيش حياته وهو مفعم بالطموح، فهو رغبة داخل الفرد لتحقيق ما يريد إنجازه، فبهذه الرغبة نجد الكثير من الطامحين الذين كان لهم الدور الكبير في اختراع وتصميم العديد من الابتكارات والاكتشافات التي تخدم البشرية، فالطموح من أجمل الصفات التي يجب أن يتحلى بها الشخص، فكل إنسان له الحق في أن يطمح إلى ما يصبو إليه، ويحقق أهدافه التي يرغب بها، فحياة بلا طموح كشجرة بلا جذور، وخلف كل نجاح يحققه الفرد طموح كان يبذل من أجل تحقيقه جهدا كبيرا للوصول إليه، ويقول نجيب محفوظ: “لا تجزع فقد ينفتح الباب ذات يوم تحيةً لمن يخوضون الحياةَ ببراءة الأطفال وطموح الملائكة”.
قال: طموحاتي كبيرة، ولما سُئِل عن هذه الطموحات تبين في النهاية أنّها أمنيات وأحلام، فهو يحلم بالقمة من البداية دون أن يشقّ طريقه للوصول إليها، ويقول محمد علي كلاي: “لا أحد يبدأ من القمة عليك أن تشقّ طريقك إليها”، فالطموحات لا تتحقق في يوم وليلة، ومن يعتقد غير ذلك فهذا شخص يمتلك قدرات غير بشرية، ولو سألت الكثيرين من الذين حققوا طموحاتهم لسمعت قصصا غريبة عجيبة، ولو تمعنت جيدا في هذه القصص لعلمت وعرفت كمّ المثابرة وحجم التضحيات والألم فيها، وقد لا تتحقق الطموحات بخطوات كبيرة، بل بخطوات قصيرة ومدروسة، وتحتاج هذه الخطوات إلى جهد ومثابرة، وتأكد دائما بأنّ طريق الطموحات ربما تصادفه صعوبات وعقبات، ولا يكون مفروشا دائما بالورد، فالطموح يعني بأنّ الشخص لديه الدافع الذي يجعله يتغلب على الصعوبات والمشاكل التي قد يصادفها في طريقه للقمة، وبدون هذا الطموح لا يستطيع الشخص الوصول إلى النقطة التي يسعى إليها، فيبقى في نفس المكان طوال حياته ويسيطر عليه اليأس والخيبة.
وقد يتساءل البعض: هل يُولد الطموح معنا أم هو صفة نكتسبها؟ والأصل أنّ الإنسان يولد ولا يعي الكثير من الأمور، ولا يمتلك الخبرة والمعرفة الكافية، ومن خلال تعلمه في هذه الحياة يكتسب الكثير من هذه الصفات والمعارف، فالعلم ليس له حدود، ولا يعيق المرء شيء عن العلم إلا الموت، فلا يوجد شخص غير طامح إلا إذا حَكَم على نفسه بهذا، فالطموح يمكن اكتسابه من خلال تعلم الكثير من المهارات من أشخاص لهم تجارب ناجحة في ذلك، وكذلك لابد من تغيير بعض القناعات والمعتقدات التي تعيق اكتساب المرء للمعارف والعلم، فأحيانا قد تكون بعض معتقداتنا وأفكارنا هي العائق الأساسي أمام تحقيق الكثير من الطموحات التي نسعى لها.
وأختم بقول الشاعر أبي القاسم الشابي:
إذا ما طمحت إلى غايــــــــــــــــــــــــــــــــةٍ.. ركبت المُنى ونسيت الحـذر
ومن لا يحب صعود الجبال.. يعش أبد الدهر بين الحفـر
ومن لم يعانقه شوق الحياة.. تبخر في جوها واندثــــــــــــــــــــــــــــــــــــر
أبارك في الناس أهل الطموح.. ومن يستلذ ركوب الخطــــر