رواية العقول التائهة الجزء الأول ( بائعة الأقلام )
محمد الشهيمي
في مايو من عام 2014 في صيف هذه المدينة التعيسة في هذا الفصل الحار جدًا و شمسه الحارقة، أفكر أن أذهب إلى قرية خارج هذه المدينة المزدحمة وقريبة منها في الوقت ذاته، ربما أجد فيها نوعا من الراحة أو الفرح أو المرح .
الساعة الثالثة من بعد ظهر هذا اليوم، إلى السيارة التي كأنها تصرخ من شدة الحرارة، اللعنة ما هذه الحرارة التي تذيب الحجر، المكيف إلى أقصى درجاته، سوف أتحرك الآن لعلي أصل إلى مكان يناسبني، بعيدًا عن هذه المدينة البائسة .
بعد خمسين دقيقة أخيرًا، سوف أحاول أن أقف هنا بعيدًا عن كل أحد ، لا أعرف أحدا هنا ولا أحد يعرفني .
ربما المكان جميلًا بعض الشيء عن ما سبق سوف أعود قبل المغرب، ما هذا ؟ كأنه سوق تقليدي ، ممتاز أحب أن أرى ماذا يفعل هؤلاء هنا .
في زحمة المكان جلست فوق كرسي خشبي في أحد الطرقات، أراقب المارة يمينًا ويسارًا كالقط الذي ينتظر فريسته، فمنهم من يمشي على عجل وكأنه يسابق الزمن،ومنهم من يتصارخ في حديثه مع الآخر وكأنه يلتهم فريسة، والبعض يترنح وكأنه لا يعلم إلى أين يذهب.
وأنا مستمتع بطرقات تلك الأقدام على الأرض، و رنين الهواتف المزعجة كالغربان في أول الصباح التي ظلت طريقها .
أعجبني ذلك الشاب الذي يجلس في آخر الطريق بمفرده مبتسمًا، وكأنه لا يملك شيئا من الهموم، ذهب تركيزي عن جميع من حولي وبدأت كل حواسي تُركز على ذاك الشاب، فجأةً
رأيتهُ وكأنه يخرج شيئا من جيبه يراه و يبتسم ثانية، راودني الفضول لماذا هذا الشاب يبتسم كل ما أخرج ذاك الشيء من جيبه؟ وما ذاك السر الذي يجعله يبتسم؟
وأنا أنظر إليه من بعيد وبدهشة إذ صوت حزين أنثوي من خلفي قطع تركيزي، لو سمحت هل لديك ما تعطيني إياه لدي أولاد و يتامى و و و ، لم أركز على ما تقول كل همي أريدها أن تذهب لأكمل متابعتي لذاك الشاب الذي أثارني بهدوئه، وكأنني أريده أن يعلمني كيف أكون مثله.
أخرجت بعض النقود من جيبي وأعطيتها، فبدأت في الدعاء لي فلم أُعيرها اهتماما، عدت بالنظر لذلك الشاب قد اختفى لم أعد أراه ، نظرت يمينًا و شمالًا ولكن، صوت المرأة مرة أخرى عن ماذا تبحث يا بني؟
أحدث نفسي ( أيتها المتسولة اذهبي من هنا ) .
هل تبحث عن نقودك ؟ خذ لقد سقطت منك وأنت تُعطيني النقود، اندهشت لماذا لم تأخذها ؟! وهي شكلها فقيرة وملابسها رثة.
فنظرت إليها، فقالت وخذ نقودك كذلك ، فأنا أبيع أقلاما لم آتي لكي أتسول، فأنت أعطيتني أكثر من حقي فشكرتك على شرائك أقلامي .
و أنا أنتظرك لأكثر من عشر دقائق لكي تأخذ الأقلام ، فأكملت صمتي كيف علمت بأنني أفكر بأنها متسولة ؟
لا أعلم ما حدث هل فعلاً مرت عشر دقائق بهذه السرعة !!
عذرًا خالتي، لم أنتبه وأنت تعطيني الأقلام شكرًا لك.
نهضت مسرعًا من مكاني متجها إلى السيارة ، وقد شارفت الشمس على المغيب عن ذاك المكان الذي بدأ في الهدوء شيئاً فشيئاً، وبدأ عقلي بالتفكير بما حدث لي في هذا اليوم، وأنا في طريقي إلى المنزل، اللعنة سوف أصدمه ، أووووه الحمدلله، ( بعصبية ) الغبي لم ينتبه أنني مستعجل !!
بعد مرور عشر دقائق شاب يقف على الطريق، يريد أن يصل إلى مكان ما لا لن أقف له لقد سمعت قصصا غريبة عن هؤلاء وخاصةً وقت الليل، كما يقولوا أهلنا ( الليل لناس ،، والصباح لناس ).
*الساعة العاشرة والنصف ليلا
لم أستطع النوم في هذه الليلة، فليس هناك ما يخيف ولكن أفكر في سر ابتسامة ذاك الشاب، والمرأة التي لم تأخذ النقود و الوقت الذي مر سريعًا.
*الساعة العاشرة صباحًا*
يا إلهي نهضت متأخرًا بسبب تأخري في النوم ليلة أمس،
أسترجع ما حصل بالأمس
لا أريد أن أسترجع ما حصل بالأمس، سوف أذهب اليوم مجددًا .
في الساعة الرابعة والنصف عصرًا
في طريقي إلى المكان نفسه الذي يبعد من البيت، مسافة ما يقارب 20 كيلو مترا أي ما يقارب الأربعين دقيقة .
في ذلك اليوم كان الجو أكثر حرارة لأننا في منتصف فصل الصيف، ولكن كأن المكان أصبح أبعد من الأمس، ما هذا الطريق الطويل اليوم اوووف ما هذا الازدحام الذي لا ينتهي في هذه المدينة!! تأخرت كثيرًا .
وصلت إلى المكان أخيرًا و أنا في لهفهٍ أن أرى ذلك الشاب الغريب، ولكن هذه المرة كان شيئًا مختلفًا جدًا عن ما حصل بالأمس، الازدحام أكثر من الأمس في هذا المكان لا أستطيع الجلوس فلا يوجد مكان، ماذا أفعل؟! سوف أقترب من مكان الشاب الذي يجلس فيه بالأمس.
وعند وضوح الرؤية لدي من المكان الذي جلس فيه الشاب بالأمس، ارتسمت علامات الاستفهام على وجهي، لم يكن أحد يجلس في هذا الكرسي اليوم، رغم الازدحام الشديد في المكان فقط هذا الكرسي لم يجلس به أحد.
سوف أعود إلى سيارتي لأستطيع أن أفكر قليلاً،
من ذاك الشاب؟!
ولماذا لم يجلس أحدًا في مكانه؟!
تابعوا تكملة الجزء الأول لتعرفوا….