الأربعاء: 8 مايو 2024م - العدد رقم 2132
مقالات صحفية

كلمة حق

د. رضية بنت سليمان الحبسية

 

ثمة كلمة حق، إن وجب إطلاقها، فهي الاعتراف بجهود الطواقم الطبية في بلادنا بصفة عامة، والعاملين مع مرضى كوفيد 19 بصفة خاصة. وفي مقدمة الاعتراف، يأتي الشكر والتقدير للجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19). فمع المخاوف والقلق، بل والتشكيك من قبل البعض في قدرة اللجنة على التعامل مع ظروف الجائحة، نلمس ولله الحمد نجاحًا متميزًا في إدارة هذه الأزمة، في الوقت الذي عجزت فيه كثير من الدول عن تحقيق أدنى طموحات شعوبها، في احتواء انتشارها، وحماية منظوماتها الصحية من التدهور والانهيار.

ولا يمكن نكران ضخامة وتطورات تأثير جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد19)، وتقلب ظروفها، وتباين مصادر اللقاحات الوقائية من الفيروس والمتحورات منه، إلا أنه في ذات الوقت، نتابع وبشكل مستمر الجهود الحثيثة من اللجنة العليا لتأمين أفضل اللقاحات، كفاءة وضمانًا لأبناء هذا الوطن العزيز؛ مما يدل على أنّ الإنسان العماني يأتي في مقدمة المعطيات والخيارات كافة، وعدم المجازفة بتوفير لقاحات أقل مأمونية؛ كردة فعل للحالة الراهنة، أو استجابة لمطالبات الشارع العام، بتوفيرها وإن كانت أقل فاعلية.

إنّ ما واجهته الطواقم الطبية على اختلاف مسمياتها، واختصاصاتها، ومواقع عملها من تحديات، وضغوطات نفسية، أو لساعات عمل طويلة، مع تأجيل التمتع بالإجازات الاعتيادية، تُمثل الشيء الكثير في ميزان الحظوَة والتضحيات، مقابل تقديم خدمات إنسانية، والقيام بواجباتهم الوطنية، من أجل إنقاذ أرواحٍ تئنّ بين ثياب الموت، أو التخفيف من آلام مُصاب، أو تهدئة رَوع مخالط، أو إسداء النصح والتوجيه لزميل مهنة؛ لتخطي الأزمة بسلام آمنين.

وعلى مدى عامين من غزو الجائحة لبلادنا وبلاد العالم أجمع، لم تألُ طواقمنا الطبية من العمل بمهنية وفق خطط واستراتيجيات صحية شاملة. فقد تعددت طرق وسبل التدخل للتعامل مع الجائحة، فما بين التواجد بين أسرة المرقدين؛ لمساعدتهم بأفضل العلاجات المتاحة، أو بملابس أشبه ببذلة فضائية؛ للعمل مع أجهزة الإنعاش داخل وحدات العناية المشددة؛ لتقديم الرعاية الطبية الفاعلة لمرضى كوفيد 19 وغيرهم من المُعْتَلّين، إلى التوعية عبر وسائل الإعلام المرئية وغير المرئية؛ لبثّ رسائل الحماية والسلوكيات الوقائية، والتكاتف بروح المسؤولية الجماعية؛ من أجل حماية أنفسهم أولًا، وعائلاتهم ثانيًا، واجتناب فقدان السيطرة على الحالة الوبائية، وإبقاءً على الطاقة الاستيعابية للمؤسات الصحية؛ لتوفير الرعاية الكاملة للمحتاجين على اختلاف العلل والحالات المرضية.

ومع نجاح آليات التعامل مع الجائحة بدرجة كبيرة، في ظل تطور وانتشار الفيروس بين مختلف الأعمار، وظهور سلالات متحورة، وبلوغ الناس حالات من الكآبة وفقدان التحمل من طول تأثير الجائحة، نجد كافة الطواقم الطبية صامدة من اختصاصين، أو أخصائيين نفسيين، لانتشال أرواحٍ مُحبطة من الوقوع في مستنقع الاكتئاب والقلق، ومساعدتهم للتغلب على حالات نفسية طبيعية، جرّاء ما خلفته الجائحة من آثار على بعض الأُسَر، بشكل لا يحتمله البشر. فشكرًا لكل هؤلاء شكرًا، فلكُم كل الامتنان على مابذلتموه من جهود وعطاء، وعلى كل فرص وحالات الإيثار التي تقدمتم بها، ولم تبخلوا؛ لأجل عمان الغالية.

أخيرًا، كلمة أجلّ وأسمى للمقام السامي، سلطاننا المعظم هيثم بن طارق حفظه الله ورعاه، على متابعته الشخصية لظروف الجائحة، ورعايته الكريمة لأبناء عُمان الأوفياء، في قطاعات الحياة جميعها؛ لتوفير سبل العيش الكريم، وتحقيق الرفاهية الاجتماعية التي تسعى رؤية عُمان لبلوغها وفق أولويات وطنية مدروسة. إذ يسير في ذلك بخُطىً ثابتة –كما وعد في خطابه الأول- على النهج القويم للسلطان الراحل قابوس بن سعيد طيّب الله ثراه، والتأسّي بخطاه النيّرة التي خطاها بثبات وعزم إلى المستقبل. فأقل ما يمكن العمل به، تنفيذ وصيته:

 كونوا له السند المتين، والناصح الأمين.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights