2024
Adsense
مقالات صحفية

‏‎في حدود القانون

أحمد بن موسى بن محمد البلوشي

‏‎حرية الرأي والتعبير يكفلها القانون العماني للجميع، فعمان دولة تنادي بحرية الرأي والتعبير وعدم مصادرته بأيّ شكل من الأشكال، وقد كفلها النظام الأساسي للدولة بموجب المادة رقم 29 والتي تنص على أنّ: “حرية الرأي والتعبير عنه بالقول والكتابة وسائر وسائل التعبير مكفولة في حدود القانون”، وكذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان يعترف بحق حرية التعبير كحق أساسي من حقوق المواطنين، وكفلها بموجب المادة رقم 19 والتي تنص على أنّ: “لكل إنسان حق في اعتناق آرائه دون مضايقة، ولكل إنسان حق في حرية التعبير”، ويمكن القول بأنّ حرية التعبير هي: “قدرة الإنسان على أنْ يعلن عن الأفكار التي تجول في خاطره، وعن قناعاته المختلفة التي يعتقد أنّ فيها مصلحته ومصلحة غيره من الأفراد إزاء أمر معين”.

‏‎ولو تمعنا جيداً في نص المادة رقم 29 من النظام الأساسي للدولة لوجدنا كُتِب في نهايته: “في حدود القانون”، ولكن للأسف ما نشاهده في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة من تجاوزات، لا تعدّ حرية تعبير، كما أنّها ليست في حدود القانون، فبعضهم يتطاول بالكلام خارج نطاق القانون سواء كان هذا التطاول على الدولة، أو بعض مسؤوليها أو على أشخاص معينين، وعلى سبيل المثال عندما تعلن جهة معينة عن مشروع ما؛ تتفاجأ بكمية المنشورات والتغريدات المليئة بالتطاول على هذه الجهة ورئيسها، والتلفّظ بكلام لا يصدر من شخص واعٍ ومتعلم، نعم من حقك أن تنتقد وتبدي رأيك وتطالب بحقوقك وتستفسر عن هذه المشاريع وغيرها وتطالب بالمزيد من الاستفسارات والإيضاحات ولكن في حدود معينة، وبأسلوب يكفله القانون لك. فإذا كانت الدولة وقوانينها تكفل لك هذا الحق فلماذا هذه الصورة السيئة وغير الحضارية التي يظهر بها البعض في مناشداته، ومطالباته بحقوقه؟

‏‎ويجب أن نعي شيئاً مهماً؛ وهو أنّ التعبير حق مشروع لكل إنسان يعيش على هذه الأرض، وتعتبر هذه الحرية مفتاح الإنسان لحفظ حقوقه وكرامته، ولكن هذا الحق في التعبير ليس حقاً مطلقاً، وله حدود معينة وخطوط حمراء في كل دول العالم، فتجاوزك لها يعني تجاوزك لهذه الخطوط، فالقانون لا يعطيك الحق في التهجم على الشخصيات والمؤسسات بأسلوب يستفز الآخرين، وتستبد أنت برأيك، وتعتقد بأنّه الصحيح.

‏‎وكتب الدكتور حنا عيسى أستاذ القانون الدولي: ” تعتبر حدود حرية الرأي والتعبير من القضايا الشائكة والحساسة، وهي حق لكل إنسان بشرط أن تكون في حدود معينه، ومن هذه الحدود: عدم التعرض بالإساءة لمعتقدات الآخرين، وعدم التطاول على الذات الإلهية أو الأنبياء والرسل، وأن يستهدف حق التعبير عن الرأي الصالح العام للمجتمع، وألا يُستَغل لأغراض مريبة، وأن يمارس هذا الحق بطريقة لا تستفز الآخرين وبقدر من الحكمة، الابتعاد عن منطق الاستبداد بالرأي، وألّا يعتقد صاحب الرأي أنّه على صواب دائماً في حقه بالتعبير”.

‏‎ولو تمعنا جيدًا هذه الحدود المذكورة؛ لوجدنا أنّ البعض قد تجاورها كثيرًا، وكأنّه يمارس حقوقه وواجباته فوق الآخرين، ويجب أن ننتبه جيداً إلى أنّ حرية التعبير سلاح ذو حدين، ويقول فكتور هوغو: ” أنْ تعطي حرية لجاهل، كأنْ تعطي سلاحاً لمجنون”.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights