طه جمعة الشرنوبي – مصر
«قاتل غير رحيم» هكذا يمكن وصفه لما يُسببه من ألم نفسي وجسدي قبل أن يقود صاحبه إلى الانتحار دون مقاومة وفي استسلام تام.
يصفه الأديب الروسي دوستويفسكي بأنه “أبغضُ تجربة مررتُ بها على الإطلاق، إنه انعدام تصوّر الشعور بالسعادة مرّة أخرى، وأيضاً غياب الأمل كُلياً، إنه الشعور بالموت، إنه مُختلف تمامًا عن الشعور بالحُزن.”
على الأرجح هو الذي دفع فان خوخ لقطع أذنه، والذي دعى همنغواي للانتحار والذي أقنع سيليفيا بلاث في دسّ رأسها داخل الفرن.
ويحدث الاكتئاب نتيجة ما يسمى بالتفاعل المعقد بين العوامل الاجتماعية والنفسية والبيولوجية، وأحداث حياتية صعبة تتمثل في الصدمات النفسية.
اضطراب الاكتئاب الشديد، واضطراب الاكتئاب المستمر وهذه الأنواع الرئيسة، ويوجد أنواع أخرى مثل الاكتئاب العاطفي الموسمي، واكتئاب ما بعد الولادة.
يعتقد الكثيرون أن الاكتئاب لا يؤثر على الجسد مثلما يؤثر على العقل.
يظن الكثيرون أن الأمراض النفسية منفصلة تماماً عن الجسد ولا تؤثر إلا على العقل فقط والوظائف التابعة له مثل الاتّزان النفسي أو الإدراك والاستيعاب.
ولكن الطبّ له رأي أخر، فقد أشار المركز الوطني الأمريكي للاستشارات النفسية أن أعراض واَثار الاكتئاب ليست منحصرة فقط على الصحة العقلية والنفسية للإنسان؛ ولكنها تمتد لتشمل إلحاق الضرر بالبدن أيضاً عن طريق عدة أعراض، نستعرضها فيما يلي:
1- الإعياء:
الشعور الدائم بالتعب والإعياء والرغبة في النوم طوال الوقت ليست علامات عادية على الإرهاق، بل من الممكن أيضاً أن تكون إشارات خطيرة على الإصابة بأعراض الاكتئاب.
كما أن الأطباء والمعالجين النفسيين يرون أن انخفاض طاقة الإنسان والشعور بالإرهاق يصل إلى حدّ الإعياء دون مبرر، أعراض لا يجب الاستهانة بها لأنها ترافق مرض الاكتئاب بشكل أساسي.
2- ألم العضلات والمفاصل:
أوجاع العضلات وألم المفاصل الذي لا ينتج عن القيام بمجهود بدني أو نتيجة للسقوط أو الزيادة في الوزن من العلامات المهمة أيضاً لمرض الاكتئاب، حيث يتسبب المرض بإرهاق شديد لمفاصل الجسد وعظامه مثل أوجاع الرقبة والظهر والعمود الفقري.
والأمر لا يتوقف عند هذا الحدّ فربما تحدث التطورات، ويشعر مريض الاكتئاب بأوجاع في الصدر وضيق التنفس بشكل مفاجئ.
3- الصداع:
مسببات الصداع كثيرة ومتعددة، ومن أشهرها الإصابة بالأمراض النفسية، خصوصاً الاكتئاب الذي يعمل على إصابة النواقل العصبية وإحداث خلل في هرمونات الجسم وتوازنها مما يؤدي إلى حدوث الصداع بمختلف درجاته، فمن الممكن أن يؤدي الاكتئاب إلى الإصابة بالصداع النصفي المؤلم.
4- اضطرابات النوم:
مثلما يؤدي الاكتئاب إلى الرغبة في النوم لفترات طويلة، فإنه يؤدي أيضاً إلى حدوث اضطرابات في النوم وحالات من الأرق لدى الكثير من المصابين به، وهو ما يؤثر على الحالة المزاجية والقدرة البدنية للشخص المصاب.
5- مشكلات الهضم:
المعدة والجهاز الهضمي من الأهداف الوارد استهدافها من قبل الأمراض النفسية، خصوصاً الاكتئاب الذي يتسبب بحالات من الغثيان أو الإسهال الشديد الذي يمتد لفترات طويلة.
6- ضعف الذاكرة:
يُحدث الاكتئاب كثيراً من الأضرار على العقل ووظائفه الحيوية، فالشخص المصاب بالاكتئاب يعاني حالات مستمرة من النسيان وعدم التذكّر كما أن قدراته على التركيز تنخفض إلى أدنى معدلاتها، وهو الأمر الذي يؤثر على الحياة الاجتماعية والعملية والمستوى الدراسي للمصابين بمرض الاكتئاب.
7- تغيرات الطمث:
بالنسبة للنساء المصابات بالاكتئاب فإن هذا المرض الخطير يعمل على إرباك كل توازنات الهرمونات بداخل أجسادهنّ، والتي تضمن استقرار وانتظام أوقات الدورة الشهرية والمدة الزمنية لها.
وبالتالي تعاني المرأة المصابة بالاكتئاب من عدم انتظام الدورة الشهرية والمعاناة من أوجاعها بشكل أكبر وأكثر إيلاماً ولفترات زمنية غير منتظمة.
8- مرض السكري:
وفقاً لمنظمة “مايو كلينك” الصحية الأمريكية فإن الاكتئاب يزيد من فُرص تعرّض المريض لداء السكري، وذلك بسبب زيادة نسبة هرمون التوتر “الكورتيزول” عند المعاناة من الاكتئاب، وكنتيجة مباشرة لزيادة نسبة الكورتيزول في الجسم تزداد نسبة إطلاقه للأنسولين، وبالتالي ترتفع القابلية للإصابة بمرض السكري.
