قيود لا تنكسر (ج2)
بقلم/ إلهام بنت سالم السيابية
جلست حنان على سجادتها، راجية الله أن يثلج على قلبها بالصبر الجميل على ما ابتلاها الله به، وأن يعود عليها بالخير على تربيتها لأولاد زوجها من طليقته التي ما كادت تنتهي عدتها إلا وتزوجت برجل آخر، في بداية الأمر لم تتحمل وجود من يشاركها زوجها إلا أنها رضت بالأمر الواقع، وعليها أن تتحمل المسؤولية ما دامت تحبه، ولكن إلى متى ستبقى خائفة أن لا يفاجئها بزوجة أخرى؟، وما الذي يجب أن تفعله لتطرد كل الوسواس والكوابيس من عقلها؟، سجدت سجود شكر وحاولت أن تخرج كل همها في تلك السجدة وكأنها ترمي بهمومها وثقل أفكارها على الله. بكت لتغسل كل همها ففرج الله قريب وسيسهل لها كل صعب.
أجل لقد نوت أن تكمل تعليمها الذي تركته بسبب الزواج، تحملت المسؤولية صغيرة ولكنها ستخط طريقاً جديداً لها، ضحك زوجها عندما علم بتسجيلها في مدرسة قريبة لمحو الأمية، ولكنها لم تكن مستعدة هذه المرة أن تتخلى عن آمالها و أحلامها، بدأت دراستها التي أخذت تنهل من الكتب و المعلومات لتوسع مدارك فكرها وتملأ فراغها النفسي التي كانت بحاجة لهذا التغيير في حياتها، وها هي تتخرج من الدبلوم الثانوي لتحصل على ترشيح لإكمال تعليمها الجامعي، كانت فرحتها كبيرة لا تسعها الدنيا بما فيها، وبدأت رحلة الدراسة الجامعية التي نهلت منها العلم الكثير، وأحبت تعلم اللغات، فدرست الفرنسية بالاضافة إلى الإنجليزية التي صقلتها بدخول المعاهد المتخصصة لتنال مستوى جيد يساعدها في تخطي مرحلة الجامعة بسهولة ويسر.
جلست حنان أمام كمبيوترها وهي تتلقى بريدها الإلكتروني، أحست بقشعريرة غريبة تسري في جسدها وكأن أحداً ما ينظر إليها فالتفتت فإذا به زوجها ينظر إليها بعمق، تقدم منها وركع جالساً أمامها قائلاً: كم أنا فخور بك، بكل ماحققتيه لنفسك من تغيير، أنت رائعة تقبلتيني بكل عيوبي ورغم ذلك كنت أسخر من طموحاتك وأحلامك ولكنك أثبت لي أن قوة العزيمة والإرادة لا تقف عند حدود معينة، أنت رائعة وأم مثالية مع أبنائك، واستطعت أن تحتوي أبنائي الآخرين ولم تفرقي بينهم واستطعت إثبات وجودك في حياتي فهلا سامحتيني؟؟ سامحيني لأنني شككت بك وكنت أظن أنك غير قادرة على الوصول إلى هدفك مهما فعلت! أنت إنسانة صادقة، ولقد تحملتني كثيراً أنا أنا أنا،،،
وضعت يدها على شفتيه وهي تجيبه بكل هدوء: أنا أحبك وفعلت كل ذلك لأحتفظ بحبك لي. قبل يديها وهو يقول: أحبك.. لقد أسرتي قلبي ولم أعد بحاجة لأي امرأة أخرى ما دمت معي.