سلام الله يا وطني
حمدان بن سعيد العلوي
مدرب في الإعلام والعلاقات العامة
حين يغرد العصفور طليقا حرا لا مجبورا سلام الله يا وطني ، ومهما زعزع المحتال قلوبا هشة مكسورة ، هناك جبال لا تهتز كثبات الراسيات ، وإن هبت عواصفها لن تنحاز مراكبنا ، أيا ربان سفينتنا سنكسر عاتي الأمواج ، سنعبرها بحار الشرق ، وإن مالت عواطفنا ستثنيها عزائمنا ، سنبقى رغم أنف القهر ، نسير إلى شطآن مرساها ، لأن العز مغزانا ، ترحمنا على من فارقوا الدنيا من آباء وأجداد ، حملوها على الأكتاف وجئنا نكمل المشوار ، سنمضي حاملين أحلامهم نحو المجد مقصدنا .
الوطن ليس هو الأرض التي عاش عليها آباؤنا و أجدادنا فقط ولا يعني ذلك بأنه الموقع الجغرافي والمساحة المرسومة بحدود جغرافية ، أو الاسم الذي يدون في جوازات سفرنا كما يعتقد بعضهم؛ بل هو المكان الذي نعمره ونسكنه وهو الحضن الدافئ الذي نشعر فيه بالأمان ونقيم فيه حضارة تجمع أحبتنا من الأهل والأقارب ولدنا وترعرعنا فيه ، يقودنا الحنين إليه مهما اغتربنا ، لهذا يكبر حب الوطن في قلوبنا ، ندافع عنه بأرواحنا وحب الإنسان لوطنه فطرياً يحمل في داخله ذكريات الصبا والعادات الاجتماعية التي تربينا عليها .
حين نقوم بتدوين ما نكنه في قلوبنا لهذا الوطن يدل على عمق العلاقة بيننا وبينه ، وحين نقوم بالتعبير عن ما في خواطرنا نقدا أو ثناء فهو نابع عن حبنا له ، وفي المقابل لن نرضَ بالإساءة إليه.
من منا لا يرغب في أن يرى وطنه هو الأفضل بين بلدان العالم ؟ ومن منا لا يتمنى الخير لوطنه وأبناء وطنه ؟
التذمر الدائم ليس من شيمنا والتطبيل للفشل هو ليس من عاداتنا ، ولكن علينا بأن نشيد بما نرى من إنجازات وأن نقول رأينا بكل شفافية وأن نراعي بأن لا نترك للمتربصين أية فرصة للاصطياد في المياه العكرة .
ومن المبشرات التي تفائلنا بها ذلك التقارب بين السلطنة وشقيقتها المملكة العربية السعودية وهذا ليس بغريب ولا هو بحدث جديد، فالأشقاء تربطنا بهم علاقات تاريخية .
السلطان هيثم أعزه الله وأبقاه خلال زيارته للمملكة حمل تطلعات الشعب من أجل استقرار المنطقة وفتح أبواب الاستثمار والاقتصاد المشترك وسنرى في قادم الوقت النتائج المرجوة بإذن الله .
وحين نقوم بالإشادة وذكر الجانب المضيء، إلا أن هناك بعض الأمور التي يجب أن نسلط الضوء عليها ، مثلا إذا تحدثنا عن الموقع الجغرافي، فالسلطنة لها مكانتها، حيث تعتبر على امتداد التاريخ مركزا حضاريا نشطا، تفاعل منذ القدم مع مراكز الحضارة في العالم القديم ، وبينما كانت عمان واحدة من المراكز الحيوية على طريق الحرير بين الشرق والغرب ، فإنها كانت كذلك مركزاً تجارياً وبحرياً مزدهراً في المحيـــط الهنــدي حتى النصف الثاني من القرن التاسع عشر . ومن ثم امتدت علاقاتهــا إلى مختلف القوى الدولية منذ وقت مبكر ، وتفاعلت بقوة مع محيــطها الخليجي والعربي والدولي باعتبارهــا مـــركزاً للتــواصل الحضاري مع الشعوب الأخرى.
إذاً، يجب علينا استغلال ذلك الموقع الجغرافي لنعيد أمجادنا ونحقق العائد المرجو من أجل ازدهار عمان وانعاش اقتصادها، إلا أننا حتى اليوم لا نعرف ما الأسباب التي تجعلنا نعتمد على الغير في استيراد حاجاتنا وأبسط احتياجاتنا ، أما آن الأوان أن نعمل على ذلك وكلنا ثقة بسلطاننا المفدى ، ففي هذه الفترة طالعنا بعض المغردين عبر حسابات التواصل الاجتماعي بالدعوة والتشجيع على الهجرة للبحث عن الرزق وهذا ما سينتج عنه هجرة للعقول العمانية بدلا من بقائها لبناء الوطن رغم أن الإمكانات متاحة، فقط تحتاج إلى فرصة ولن يتأتَ ذلك إلا بتسهيل الإجراءات وهذا ما نتمناه .
الأمر الآخر وهو ما نراه من شح للأراضي في بعض المحافظات ، علما أن بعض المؤسسات تم تخصيص مساحات شاسعة لها وهي غير مستغلة ، كبعض المؤسسات الحكومية والخاصة ، فما المانع أن تتوسع هذه المؤسسات رأسيا بدلا من توسعها أفقيا ، فهذه المؤسسات لا تحتاج إلى كل تلك المساحات ، ناهيك عن امتلاك بعضها أكثر من موقع في نفس الولاية ، بعض الأراضي التجارية والسكنية وزعت بشكل غير مدروس (وجهة نظر) فهي بعيدة عن الخدمات الأساسية ومن الصعوبة في الوقت القريب استغلالها وسيؤدي ذلك إلى تأخر التنمية ، وبعض الأحياء القديمة تسيطر عليها العمالة الوافدة ، وهذه الأحياء تقع في قلب المدن وهي أبنية متهالكة بعضها آيل للسقوط كان الأوَّلى استغلالها وتخطيطها من جديد فهي الأقرب لكافة الخدمات .
وأخيرا نتمنى إعطاء الفرصة للشباب من أجل المساهمة في بناء الوطن ، حيث لا زلنا نرى ونشاهد تلك الوجوه تتسيد الموقف في الأحداث المهمة ، لا نقلل من شأن أحد، ولكن إن لم تتاح الفرصة للشباب فلن نتقدم ، بعضهم حتى وهو في سن قارب فيه للتقاعد إلا أننا نراه في الميدان يجذب الأنظار أمام العدسات، وهذا الدور كان من المفترض أن تقوم به الوجوه الشابة ، أما من قضى وقت يفوق عمر هذا الشاب علينا استغلاله لكسب الخبرات منه والاستفادة من تجاربه والتجديد من خلال الدماء الشابة النشطة وتشجيعها من أجل مواكبة العصر .
بهذا نستطيع تحقيق رؤيتنا وأهدافنا المستقبلية ، أرجو تقبل وجهة نظري وأن لا أكون قد أخطأت في سردي، فالوطن أولا فوق كل المصالح الشخصية.