مؤشرات البحث العلمي في الوطن العربي في الألفية الثالثة
صالح بن محمد خير الكعود
باحث وطالب دكتوراه في تنمية الموارد البشرية
الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا
ثمّة اتفاق بين الباحثين العرب على ضرورة النهوض بالبحث العلمي في الجامعات العربية كونها حجر الأساس في أي جهود خاصة بالبحث العلمي، كون مراكز البحوث في الجامعات تنتج 80 في المئة من البحوث العلمية العربية، ما يجعلها عنصراً أساسياً في أي سياسة تنموية.
هناك عدة مؤشرات يمكن من خلالها أخذ نظرة أولية عن مستوى البحث العلمي في الدول العربية مقارنةً مع باقي دول العالم.
مؤشر نسبة الإنفاق على البحث العلمي من الناتج المحلي الإجمالي يعتبر أحد أهم المؤشرات لقياس أداء الدول في هذا الإطار، تشير تقارير اليونسكو أن نسبة الإنفاق المحلي الإجمالي للدول العربية مجتمعةً على البحث والتطوير تشكل ما لا يزيد عن 1 % من الإنفاق المحلي الإجمالي العالمي.
وتكشف تقارير اليونسكو المتتالية على أن البحث العلمي في الوطن العربي ما يزال في مستويات منخفضة مقارنةً مع باقي أجزاء العالم، ففي بريطانيا على سبيل المثال نسبة الإنتاج القومي المخصص للبحث العلمي 1.7%، و 1.9 % في الاتحاد الأوروبي، نجد في المقابل أن نسبة المخصص للبحث العلمي من إجمالي الناتج القومي 1.02 في تونس، 0.99 في الإمارات، 0.82 في السعودية، 0.71 في مصر، وتتراوح هذه النسب في الغالبية العظمى من البلدان العربية بين 0.3 و 0.5 في المائة، كما هو الحال في الأردن، الكويت، وقطر.
عدد الباحثين بالنسبة إلى عدد السكان في البلدان العربية يعتبر مؤشراً آخر على ضعف مستويات البحث العلمي لديها، وتبلغ نسبة الباحثين العرب ما نسبته 1.9 % من إجمالي الباحثين في العالم، في مصر مثلاً التي تُعتبر رائدة في البحث العلمي مقارنة مع باقي الدول العربية يوجد 650 باحثاً لكل مليون نسمة، وهو أعلى المعدلات العربية، في حين يوجد في كوريا الجنوبية 4600 باحث لكل مليون نسمة أي أكثر بثمانية اضعاف.
نصيب العالم العربي من المنشورات العلمية مؤشر ثالث على مستوى البحث العلمي في المجتمعات العربية، فقد بلغت نسبة المنشورات العربية 2.45 % من إجمالي الإنتاج العالمي في البحث العلمي، بمعدل 82 بحثاً لكل مليون نسمة مقارنة مع المعدل العالمي الذي بلغ 176 بحثاً لكل مليون نسمة حسب تقرير اليونسكو للعلوم.
براءات الاختراع تُعتبر مؤشراً أيضاً على معاناة الإنتاج العلمي في دولنا العربية، فلم تزد نسبة براءات الاختراع العربية عن 0.2 من الإنتاج العالمي مقارنةً مثلاً مع معدل الإبداع في ماليزيا الذي زاد عن 15 ضعفاً على معدل الإبداع في الدول العربية مجتمعة.
مع ذلك يلاحَظ أن هناك بعض المؤشرات الإيجابية في بعض المجالات في بعض الدول العربية، فقد حققت مراتب جيدة في مؤشر التميز والكفاءة لمراكز البحوث والتطوير العربية.
حيث جاءت كلّ من تونس بالمركز 36 وعمان 38 وقطر 45 والكويت 46 والسعودية 52.
كل المؤشرات التي تتعلق بالبحث العلمي تشير إلى مستوىً متدنٍ للبحث العلمي والابتكار في الوطن العربي، وتشير إلى وجود مشكلات حقيقة يجب تسليط الضوء عليها لا سيما في الجامعات ومؤسسات البحث العلمي التي تكتسب أهمية قصوى في تنمية الاقتصادات الوطنية وتطوير الصناعات وابتكار التقنيات والاختراعات.
نرى أنه لا بد من النهوض بالبحث العلمي في الجامعات العربية وإدماج نتائج هذا البحث في الخطط التنموية العربية، من خلال دعم وتعزيز الجامعات ومراكز البحث العربية على مستويات التمويل والتدريب والكفاءات والدعم اللوجستي، بوصفها محركاً رئيساً للاقتصاد وعموداً أساسياً لتوليد المعرفة في خدمة الأهداف الحضارية والتنموية.