أحمد بن موسى بن محمد البلوشي
يعد الدماغ(Brain) عضو معقد التنظيم في الإنسان، وهو منبع العقل الذي ميز به الله الإنسان عن سائر المخلوقات الحية الأخرى، فهو نظام التحكم والقوة المرشدة وراء كل حركات الإنسان، فهو بمثابة شبكة اتصالات لا حد لامتداداتها وتشابكها، والميزة الجوهرية للدماغ أنه مركز الوعي وجميع الوظائف الذهنية المختلفة التي تتيح للكائن البشري قدرات التفكير والتعلم والإبداع.
ينقسم الدماغ البشري إلى جانبين أحدهما أيمن، والآخر أيسر، وهما جزئين لا يمكن الفصل بينهما ويعملان معًا بشكل متكامل وكلي. وحيث أن الإنسان يمتلك دماغًا واحدًا، إلا أنه يتكون من نصفي كرة لمعالجة المعلومات بأسلوبين مختلفين، فالجانب الأيمن من الدماغ يتخصص في إعادة بناء وتركيب الأجزاء لتكوين شكل متكامل، كما أنه يتعرف على العلاقات بين الأجزاء المنفصله، بينما يبدي الجانب الأيسر للدماغ فاعلية في عمليات المعالجة البصرية والمكانية، ولا يتم التفكير بجانب واحد دون الآخر، فكلاهما يشترك في العمليات العقلية العليا.
وأظهرت العديد من الدراسات التي استهدفت السيطرة الدماغية وطبقت على الأفراد عدم التماثل بين جانبي الدماغ في الوظائف العقلية فالجانب الأيسر يعرف بأنه لفظي تحليلي يهتم بالتفكير المنطقي والرياضي والسببي، أما الجانب الكروي الأيمن فهو مركز الوظائف العقلية العليا والانفعال والإبداع واستخدام الخيال والمواد غير اللفظية المصورة والمركبة. ويعد الجانب الأيسر هو النصف السائد لدى غالبية الناس وهم الأفراد الذين يستخدمون اليد اليمنى في الكتابة؛ بينما تكون السيادة للجانب الكروي في نسبة قليلة من الأفراد، وهم الذين يستخدمون اليد اليسرى في الكتابة.
وتكمن أهمية التعلم الأساسية في عملية التكيف الإنساني، فجميع الناس مهيئون لكي يتعلموا بفاعلية وبمرونة ونشاط لاكتساب المعرفة، لذلك تركز البحوث على كيفية نشوء التعلم الفعال الذي تحول من مجرد نقل للمعرفة والتدريب وتذكر المعلومات، إلى التركيز على فهم الطلبة وإجراءاتهم وتطبيق هذه المعرفة.
فالتعلم استنادًا إلى أبحاث السيطرة الدماغية هو العملية التي بواسطتها يستقبل الفرد ويعالج البيانات الحسية، ويرمزها داخل البنية المعرفية، ويحتفظ بها لحين استخدامها لاحقًا، وكلما زاد فهم الأبنية المتضمنة في عمليات الدماغ، فأنه يمكن البدء بتطبيق تلك المعرفة لتحسين بيئات التعلم الفعال المتناغم مع الدماغ، وتؤثر الممارسات الصفية في البيئة الصفية على عمل الدماغ، وبالتالي على أنماط التعلم التي يستخدمها المتعلم في تلبية حاجاته العلمية والأكاديمية والنفسية وغيرها.
