2024
Adsense
مقالات صحفية

مظالمهم الاجتماعية

شهاب أحمد عبد

إن الحياة الاجتماعية هي في حقيقة أمرها معركة مستمرة يتنافس فيها الناس من أجل الوصول إلى المكانة العالية، لذلك ينجح فيها القليلون ويفشل الكثيرون، وتلك هي سنة الله في أرضه منذ خلق البشر حتى يومنا هذا، فليس في مقدور أي نظام اجتماعي مهما كان أن يجعل الناس كلهم ناجحين في حياتهم، ولذلك نجد أكثر الناس تستخدم مبدأ: (من جد وجد) في عصرنا هذا والذي نال اهتمام أكثر مما يستحق.
وقد تجد إن هذا المبدأ يصح إن يلقى على الأطفال في سبيل تشجيعهم على السعي والمثابرة إنما تجد قد لا يمثل طبعية الإنسان تمثيلًا واقعيًا.

لذلك تشاهد أن الإنسان في الواقع لا يستطيع أن يصل إلى ما قد يطمح إليه عن طريق المثابرة و الجد فلا بد أن تساعدة عدة عوامل نفسية و إجتماعية التي قد تحيط به، أما إذا كانت ظروفه غير مساعدة له فإن الجدّ لا ينفعه إلا قليلًا، فليس في مقدور أي شخص أن يصبح مثلًا: (بسمارك أو الجاحظ أو إبن خلدون)، وغيرهم من عمالقة البشر فلقد كانت لديهم مواهب خاصة تميزهم عن غيرهم وهم أيضًا قد عاشوا في ظروف حضارية ملائمة حيث أتاحت لتلك المواهب أن تنمو وتتطور.

أما مشكلة الإنسان في هذا الجيل أنه آمن بمقولة: (من جد وجد ) إيمانًا غير مسبوق واعتبرها مفتاح النجاح وسبيل العظمة في كل مجال فهو يجد إن دخول الناس إلى المدارس كان من أجل طموح عالي وكسب نجاح؛ ولذلك تجد آباؤهم ورائهم يحرضونهم على بلوغ قمة النجاح، ولذلك تجد أولئك الطامحين المتفائلين عند اصطدامهم في واقع الحياة تشاهد منهم من يفشل في الدراسة، ومنهم من يفشل في الحياة، وعندها يبدؤون في البحث عن أسباب أخرى يعزون فشلهم بها، ولذلك ترى إن الانسان إذا فشل لا يحب أن يعزو الفشل إلى نفسه.
ولكن قد تبين الآن في وقتنا هذا أن كلا من الفاشل والناجح ليس مسؤولًا عن فشله أو نجاحه إلا في نطاق محدد فهناك المواهب والقدرات الذكائية والنفسية لها دور في نجاح الإنسان كما إن الظروف والصدف التي يمر بها الإنسان في الحياة لها دورها في نجاحه أيضًا.
ولكن ربما تجد دائما أن الناس في تعاملهم يجهلون ذلك ويعزون سبب النجاح و الفشل في مقولته: (من جد وجد )، وإن الناس أيضاً في تقديرهم أن الناجح يمنحونه أكثر مما يستحق، وفي احتقارهم إلى الفاشل يظلمونه.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights