المقاومة العمانية للوجود البرتغالي في الخليج العربي والمحيط الهندي ((١٥٠٧م – ١٦٩٨م))
أحمد بن علي المقبالي
الجزء التاسع عشر:-
كان عن الحملة العسكرية العمانية على صحار وصور وقريات.
الجزء العشرون:-
مقالنا لهذا اليوم إن شاء الله تعالى سوف يكون عن حملة الإمام ناصر بن مرشد اليعربي على مسقط عام ١٦٤٠م والحملة الثانية عام ١٦٤٥م والحملة الكبرى عام ١٦٤٨م.
👈 الحملة الأولى عام ١٦٤٠م
– أثناء اشتباك القوات العمانية مع البرتغاليين في صحار أراد الإمام تخفيف الضغط عن قواته في صحار ومنع الإمدادات التي يكون مصدرها مسقط، فجهز جيشاً بقيادة الشيخ خميس بن سعيد الشقصي وأمره بالاتجاه إلى مسقط وعند وصول القوات إلى مقصدها عسكر الجيش في بوشر فأرسل لهم البرتغاليون يطلبون الصلح ولكن ولزيادة الضغط على الحامية البرتغالية في مسقط واصل الجيش مسيره حتى وصل إلى مطرح ونشبت اشتباكات قُتل فيها عدد من الجنود البرتغاليين، كما تم هدم عدد من الأبراج لذلك طلب البرتغاليون الصلح وجرت مفاوضات بين الجانبين كانت شروطها كالتالي:-
١- يدفع البرتغاليون جزية سنوية للإمام.
٢- يتنازل البرتغاليون عن كل الأراضي والمباني التابعة لهم في مدينة صحار.
٣- أن يحتفظ البرتغاليون بوجودهم في مدينتي مسقط وصحار.
👈 الحملة الثانية عام ١٦٤٥م
– جهز الإمام جيشاً بقيادته شخصياً ويرافقه عمر بن مسعود الرستاقي وراشد بن سالم بن يروم، ويبدو أن البرتغاليين نقضوا شروط معاهدة عام ١٦٤٠م خاصة البند الأول منها والمتمثل في دفع الجزية لذلك قرر الإمام مهاجمتهم بهذه الذريعة.
– انطلق الجيش العماني وعلى رأسه الإمام حتى وصلوا إلى منطقة بدبد، فتوقفت القوات لكي تستريح ويتجدد نشاطها ثم انطلق الجيش حتى وصل إلى روي وهي إحدى مناطق مدينة مسقط وفور وصولهم إلى ذلك المكان قام العمانيون بمهاجمة الأبراج البرتغالية فقُتل عدد من البرتغاليين والمرتزقة الذين كانوا معهم من جنسيات مختلفة خاصة الهندية منها كون الهند عاصمتهم الثانية.
– دُمرت الاستحكامات الحربية في مطرح كما قام الجيش العماني بهدم بعض الأسوار والدراويز وبعض البروج فقام البرتغاليون بالدخول إلى قلاعهم في مسقط، وهي قلاع حصينة جداً لا يمكن السيطرة عليها بسهولة أبداً؛ لذلك رجع الإمام إلى العاصمة نزوى.
– استطاع الإمام من خلال هذه الحملة تضييق تواجد البرتغاليين بمنطقة محددة فقد ألجأهم إلى قلاعهم ولكن فرض حصاراً على القلاع لن يأتِ بنتيجة؛ لأن البرتغاليين يستخدمون البحر لإعادة التموين والإمدادات كما أن الإمام لديه اضطرابات داخلية يجب عليه أن يسكتها أولاً لذلك قرر الإمام التوقف عند هذا الحد في هذه المرحلة.
👈 الحملة الكبرى على مسقط عام ١٦٤٨م
– أدى عدم التزام البرتغاليين بنصوص الاتفاقية الموقعة معهم عام ١٦٤٠م إلى توجيه الإمام حملة عسكرية على مسقط في يوم ١٦ أغسطس عام ١٦٤٨م بقيادة مسعود بن رمضان، فسار الجيش العماني حتى وصل منطقة طوي الرولة القريبة من مطرح وعسكر فيها واتخذها قاعدة لعملياته الحربية.
– شنت القوات البرتغالية هجوماً كبيراً على القوات العمانية في طوي الرولة فاستبسل العمانيون في القتال، واستطاعوا أن يلحقوا بخصومهم هزيمة كبيرة وقاسية، وهدم عدد من البروج والمباني البرتغالية كما تم قتل عدد كبير منهم.
– قام الجيش العماني بفرض حصار قوي على مسقط حتى اضطر البرتغاليون لطلب الصلح من العمانيين فوضع الإمام بعض الشروط عليهم منها:
١- دفع مبلغ وقدرة ٢٠٠ ألف بأرادوس للحكومة العمانية.
٢- هدم السور المحيط بمسقط.
٣- إعفاء سكان المناطق الداخلية من دفع رسوم جمركية على وارداتهم.
– كانت هذه الشروط قاسية على البرتغاليين لذلك ترددوا في قبولها، ولذلك شدد الجيش العماني من حصاره على مسقط ولهذا الغرض أرسل الإمام قوات إضافية لتشديد القبضة العمانية على مسقط بقيادة ابن عمه سلطان بن سيف اليعربي.
– مع تشديد القوات العمانية لقبضتها الحديدية على مسقط ووصول تعزيزات زاد من حدة وشدة هذه القبضة لم يجد البرتغاليون مخرجاً لهم سوى الرضوخ لشروط الإمام بالموافقة على الصلح.
– في ٣١ أكتوبر عام ١٦٤٨م وقعت معاهدة الصلح بين الجانب العماني ويمثله قائد الجيش ومن الجانب البرتغالي دوم جوليا دي نورونها وكانت شروط الاتفاقية كما يلي:
١- دفع جزية سنوية للحكومة العمانية مقدارها ٢٠٠ ألف بأرادوس.
٢- هدم التحصينات البرتغالية خارج مسقط في صور وقريات بما فيها سور مسقط.
٣- إزالة القلعتين العمانية والبرتغالية في مطرح وتكون منطقة محايدة.
٤- حرية التجارة وعدم دفع أية رسوم للبرتغاليين من العرب والمسلمين.
٥- يعامل البرتغاليون المسلمون معاملة حسنة في مسقط ومطرح.
– وبهذا أُسدل الستار على الحملة العسكرية الثالثة على مسقط بانتصار عسكري ودبلوماسي واضح للعمانيين فبجيش مكون من ١٥ ألف فارس استطاع الإمام ناصر من تحجيم البرتغاليين وحصر تواجدهم في مسقط.
– لمنع أي تعاون بين الإنجليز والبرتغاليين قام الإمام ناصر بن مرشد عام ١٦٤٥م بالطلب من شركة الهند الشرقية الإنجليزية في سورات إرسال مبعوث للتفاوض من أجل إقامة علاقات تجارية بين الطرفين.
– قامت الشركة بارسال فليب وايلد إلى ميناء صحار حيث تم التوصل إلى اتفاقية في شهر فبراير عام ١٦٤٦م يتم من خلالها ما يلي:
١- حرية الإنجليز في التجارة بمسقط.
٢- حرية حمل السلاح.
٣- حرية ممارسة الشعائر الدينية.
٤- تنظيم قواعد خاصة في حالة وقوع نزاع بين الرعايا الإنجليز والرعايا العمانيين.
– لم يتم تنفيذ نصوص هذه الاتفاقية بسبب الانكماش التجاري للإنجليز في الخليج العربي، وقد يكون الإمام ناصر غير متشجع لهذه الاتفاقية، ولكن المصالح الدبلوماسية والسياسية وحتى العسكرية فرضتها.
– في ١٥ نوفمبر عام ١٦٤٨م وصل أسطول برتغالي إلى مسقط وما أن علم قائد الأسطول بنتائج المعركة والاتفاقية مع العمانيين حتى وصلت الأوامر من الهند بإلقاء القبض على دوم جوليا دي نورونها حاكم مسقط وإرساله إلى جوا لمحاكمته بتهمة التخاذل وعدم صموده أمام العمانيين.
– في يوم ٤ يناير عام ١٦٤٩م وصلت أوامر من حكومة لشبونة ومن ملك البرتغال بضرورة التمسك بمسقط بأي ثمن مع التشديد بضرورة زيادة التحصينات العسكرية وزيادة التعزيزات العسكرية والسفن الحربية كما يجب تعزيز وسائل الدفاع للقلعتين وكذلك تم منع السماح للعمانيين بالإقامة في مسقط ما عدا سكانها الأصليين وكل هذه الإجراءات تعتبر خرقاً صريحاً للاتفاقية الموقعة مع الجانب العماني.
– في ٢٣ إبريل عام ١٦٤٩م توفي الإمام ناصر بن مرشد اليعربي رحمه الله وأرضاه بعد أن قام بأعمال جليلة من أجل توحيد عمان بعد التشتت والتشرذم والتفتت والانقسام، كما قام بتحرير جميع الأراضي العمانية ما عدا مسقط فخلد ذكره إلى أبد الدهر بهذه الأعمال الجليلة.
مقالنا القادم إن شاء الله تعالى سوف يكون عن مبايعة سلطان بن سيف اليعربي بالإمامة وطرد البرتغاليين من عمان نهائياً عام ١٦٥٠م.
المصادر:-
– المقاومة العمانية للوجود البرتغالي
في الخليج العربي والمحيط الهندي
(( ١٥٠٧م – ١٦٩٨م ))
المؤلف: –
أحمد بن حميد التوبي
– اليعاربة أمجاد وبطولات
المؤلف:-
د. أيمن محمد عيد
– دولة اليعاربة
المؤلف:-
د. عائشة السيار