ابني كان متفوقاً دراسياً
أحمد بن موسى البلوشي
من العبارات التي يرددها بعض أولياء الأمور، عند إخفاق ابنه في الدراسة الجامعية، أو في مجال العمل، بأنّ ابنه كان متفوقًا دراسيًا!، ولا شكّ بأنّ جميع أولياء الأمور يرغبون بأن يكون أبناؤهم متوفقين دراسيًا، فالتفوق يفتح لهم مجالات كثيرة للدراسة لاحقاً؛ ولكن يجب ألا ننسى بأنّنا نعيش زمن الثورة الصناعية الرابعة، وزمن التكنولوجيا، والمهارات، والخبرات، لذلك لا بدّ أن نوفر لأبنائنا البيئة المتنوعة التي تساعدهم على كسب المهارات والخبرات المطلوبة بالإضافة إلى العلم والمعرفة.
فعندما يقول ولي الأمر بأنّ ابنه لا يستطيع ترتيب خياراته الدراسية بعد نتائج دبلوم التعليم العام فهنا تكمن المشكلة، وهي عدم مقدرة الابن على اتخاذ القرار السليم والتخصص المناسب لمهاراته وخبراته، وعندما تسمع ولي أمر آخر يقول بأنّ ابني اختار تخصصًا في الحاسوب، وأنا أرغب بأن يختار تخصصاً في الهندسة، فاعلم بأنّ الابن هنا لديه المهارة في اتخاذ القرار بناء على الخبرات الموجودة لديه، فجميعنا يسعى لتوفير كل ما يحتاجة الابن لدراسته من ملزمات ومذكرات ومراجع، وتوفير الجو المناسب للدراسة، وفي نفس الوقت نهمل جانب مهم وهو اكسابه المهارات والخبرات اللازمة؛ ليتعامل مع الحياة ومجرياتها، فكم من ولي أمر أشرك ابنه في دورات لتنمية الشخصية أو تنمية مهارة معينة، أو قام هو بنفسه بالجلوس مع أبنائه وعلّمهم بعض المهارات والمباديء والقيم التي يحتاجونها في حياتهم.
وتعرّف المهارات الحياتية بأنّها: “السلوكيات والمهارات الشخصية والاجتماعية اللازمة للأفراد للتعامل بثقة واقتدار مع أنفسهم ومع الآخرين ومع المجتمع، وذلك باتخاذ القرارات المناسبة والصحيحة وتحمُّل المسؤوليات الشخصية والاجتماعية، وفهم النفس والغير، وتكوين علاقات إيجابية مع الآخرين، وتفادي حدوث الأزمات والقدرة على التفكير الابتكاري”. وباستطاعة ولي الأمر طرح بعض الأسئلة البسيطة التي تمكنه من معرفة مدى الخبرات والمهارات الحياتية لدى الأبناء وفي أي مجال من المجالات، فمثلًا لو سألته: هل يستطيع تنظيف غرفته؟ هل لديه القدرة على إدارة مصروفه المالي، هل يستطيع اتخاذ قرار مقابل موقف معين؟ من خلال الإجابات التي سيطرحها يستطيع أن يعرف مدى وحجم الخبرة لديه.
إنّ أبناءنا مقبلين على إجازة نهاية العام الدراسي، وهي فرصة حقيقية لاستغلال وقتهم بما هو مفيد ونافع، والطرق هنا عديدة ومتنوعة، فيمكنهم الاشتراك بدورات تدريبية افتراضية، أو مشاهدة بعض المقاطع المفيدة في اليوتيوب، أو أن يقوم ولي الأمر بنفسه بعمل برنامج لهم يتعلمون من خلاله بعض المهارات والخبرات الحياتية، فنحن في زمن يتطلب منا أن يكون ابناؤنا متفوقين دراسيًا، ولديهم الخبرة العامة بالحياة.
فخذها قاعدة عزيزي ولي الأمر؛ إنّ ابنك الذي يمتلك العلم مع الخبرة العملية والحياتية سيكون أكثر تفوقًا ونجاحًا من زميله صاحب العلم الذي لا يمتلك هذه الخبرة، فكلنا متفقون على أنّ العلم يعتبر نجاح، ولكن صاحب العلم مع الخبرة يكون أكثر نجاحًا، فهو يواجه المواقف والتحديات الحياتية بعلمه وخبرته التي اكتسبها، ولذلك نقول لابد من خبرة ومهارة ترافق تعليم ابنك حتى يتمكن من خلالهما اتخاذ مواقف إيجابية إزاء ما يواجه من تحديات في حياته، وهذه الخبرة يمكن اكتسابها من البيئة المحيطة به مثل والديه، أسرته، وأصدقاءه، أو من خلال الدورات التدريبية المتنوعة.