الثقافة المفقودة
أحمد الحضرمي
إن الثقافة المفقودة التي يفتقدها بعضهم في كثير من الأحيان عن جهل هي ثقافة التطوع التي تؤمن وتقوم وتتقدم بها مجتمعات كثيرة باندماج شبابها في العديد من المجالات لتساهم بشكل أو بآخر في تقدم المجتمع وحماية الوطن وأهله من أي خطر، ويُعرَّف التطوع بكثير من التعريفات نذكر منها بأنه “بذل مالي أو عيني أو بدني أو فكري يقدمه المتطوع عن رضا وقناعة بدون إكراه أو ضغوط خارجية وبدون مقابل بقصد الإسهام في مصالح المجتمع بشكل عام”، كما حث الله سبحانه وتعالى على مثل هذه الثقافة في قوله تعالى: ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ﴾ وقوله تعالى: ﴿وتَعَاونُوا عَلى البِّرِ والتَقوَى﴾ صدق الله العظيم.
بالرغم من الآيات الكثيرة التي تحثنا على العمل التطوعي، نجد أن شريحة كبيرة جداً من الشباب بعيدون كل البعد عن مثل هذه الأعمال بحجة الانشغال بالأعمال الخاصة التي لا تنتهي أبدا، لقد أصبحت الثقافة التطوعية ثقافة إلزامية في كثير من البلدان، وما زلنا بحاجة إلى الكثير حتى تترسخ معنا مثل هذه الثقافات الراقية وخاصة للجيل القادم، ولست أقصد بأن هذه الثقافة معدومة فما قام به شباب الوطن في الأنواء المناخية التي مرت علينا من خلال السنوات الماضية لشيء مُشرف أثلج الصدور وحق لنا أن نُباهي بهؤلاء الشباب الواعي والمثقف، ولكن ما زلنا بحاجة ماسة إلى طرق جديدة في نشر مثل هذه الثقافات، ما زلنا بحاجة إلى قنوات لتنمية مدارك الشباب وتشجيعهم بالانخراط في هذا الجانب لدعم الفرق الخيرية واللجان الأخرى التي تعمل على دعم الأسر والمجتمع بشكل عام في كل نواحي الحياة وكُلاً حسب موقعه، ما زلنا بحاجة إلى أفكار أولئك الشباب وتنمية إبداعاتهم وعطاءهم ليكونوا نموذجاً راقياً يعكس الكثير من مميزات وطبيعة العماني بشكل عام، فقد عُرِفَ عنه حسن الأدب والأخلاق الرفيعة أينما حل وارتحل، فالمجالات كثيرة والأفكار متنوعة ومفتوحة للجميع لتنمية المهارات وصقلها لتكون باباً من أبواب العطاء ورافداً يستفيد منها المجتمع، فالحبيب صلوات ربي عليه يقول: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخيراً هي دعوة عامة للشباب بالانخراط في الفرق التطوعية والخيرية وكسب الأجر والخبرة والمهارة، فالباب مفتوح على مصراعيه، وبحمد الله لا تخلو ولاية من مثل هذه الفرق التي قدمت وما زالت تقدم الخير والعطاء بأجملِ صورهِ في كل يوم.