عندما تعصف بي رياح الحياة
ريحاب أبو زيد
قال إليا أبو ماضي:(قد سألت البحر يوماً هل أنا يا بحر منكا؟هل صحيح ما رواه بعضهم عني وعنكا؟ أم ترى ما زعموا زوار وبهتانا وإفكا؟ ضحكت أمواجه مني وقالت: لست أدري!أيّها البحر، أتدري كم مضت ألف عليكا وهل الشّاطىء يدري أنّه جاث لديكا، وهل الأنهار تدري أنّها منك إليكاما الذّي الأمواج قالت حين ثارت؟
لست أدري! أنت يا بحر أسير آه ما أعظم أسرك أنت مثلي أيّها الجبار لا تملك أمرك أشبهت حالك حالي وحكى عذري عذرك فمتى أنجو من الأسر وتنجو؟)
وقلمي يقول أيها البحر الوفي أنا منك وأنت مني، فلك سحر لا يمل ولك قلب لا يكره. للبحر عشق من نوع خاص، فعندما تعصف بي رياح الحياة أذهب لأحلق في سماء صديقي المقرب الذي تربطني به مشاعر عشق لا توصف! نعم؛ فهو من وجدت بقربه الإخلاص، ولي معه ذكريات لا تفارقني فعنده مرحت وفرحت وضحكت ولعبت معه. كان يداعب قدماي بمياهه الباردة كأنه يرحب بي بفرح وسعادة، وعنده دق قلبي لينبض آلام العشق، وعندما قال لي قلباً ما (من الآن أنا بحرك يا معشوقة القلب.. أنا شاطيء الأمان لك يا حبيبتي) سمعت صوت أمواجه تضرب الرمال ليقول لي؛ بل أنا من أحبك فما أجمل إحساس البحر! معه كنت أنسج حروف قصائدي. كنت أجلس على رماله لألمسها بيداي، وأشعر بدفئ كبير، فهو من أجمل ما خلق الله على الأرض. عشت معه أجمل ذكرياتي؛ فهو أقرب صديق لي، هو الحنان الذي أشتاق له في كل وقت، وقد حرمت من قربه بعض الوقت بسبب ذلك الفيروس اللعين كرونا. أتذكر عندما كنت اشعر بالوحدة أجري إليه بدموع تنهمر من عيناي، وكنت أسمع صوته يغضب، كأنه يقول لي لا تحزني ولا تبكي، أنت لست وحيدة فأنا معك، وعندما تضيق بي الحياة وأشعر بضغط كبير أذهب إليه مسرعة لأجده ينتظرني بأحضانه الدافئة، وأجد نفسي أتحدث معه، وألقي بين أمواجه كل أحزاني، فكان يخفيها عني ويلقي بها بعيداً حتى لا تعود لي مرة أخرى، ولا يتركني أذهب من عنده إلا وأنا مبتسمة، أتنفس سعادة وفرح، فما أروع هذا الصديق الوفي الذي يخفف الأحزان، و الذي يطل عليه عاشقيه، وما أشد ظلمته حين تجتمع عنده الذكريات.
البحر مصدر وحي للعديد من الشعراء والأدباء فأجمل القصائد ولدت من أمامه، وأنا كذلك أستلهم حروفي من دفئه.