إلى ممثلي النقابة العمالية ومَن يمثلونهم
أحمد بن سليّم الحراصي
إنَّ من حقوق أيّ موظف في أي مؤسسة كانت هو أن تنشأ نقابة عمالية يكون أعضاؤها من المواطنين الذين يعملون في المؤسسة نفسها، لكنْ: وما يعرفه الجميع أن هؤلاء الأشخاص الذين يمثلونهم يجب أن يكونوا على قدر المسؤولية التي أُوكلت لهم، فهؤلاء هم صوت الموظف الذي يصل للإدارة، وهم القوة الضاربة في وجه من سوَّلت له نفسه المساس بحياة وأمن الموظفين، وهم السلاح الذي يمتلكه الموظف لإنقاذ حياته من جرم أو انتهاكات تُرتكب بحقه، ولكن ماذا لو كان هذا السلاح بلا ذخيرة؟ فما هو إلا عبارة عن بندقية قديمة في الحلم أو هو أشبه أن يُقال عنه مجرد “مسدس ماء”.
المشكلة أن هناك أعضاء في هذه المجموعة لا يفقهون ماذا تعني (نقابة)؟ وما دورها؟ وما الإمكانات والصلاحيات التي تمتلكها هذه العضوية؟ فعندما ينضم أحدهم في هذه العضوية وهو غير واعٍ وملمّ عن ماهيتها، فهذا يعني أن موظفي المؤسسة سيطالهم ضعف ورداءة هذه النوعية من الأعضاء الملتحقين في العضوية وبالتالي فستلعب المؤسسة لعبتها وتُنتَهك خصوصيات الموظفين وتسرّح من أرادت أن تسرّحه وتفعل ما شاءت أن تفعله؛ لعدم وجود من يستلم زمام الأمور ويروّض هذه الخيل العنيدة.
يوجد لديَّ هنا الكثير من الكلام لكنني سأختصره ولست بحاجة لإطالته، أوّلاً: أسباب تسريح العديد من الموظفين وانتهاك حقوقهم والمساس برواتبهم وعلاواتهم وترقياتهم، فهذا كله يندرج تحت ضعف من تم اختيارهم لعضوية النقابة، فهؤلاء همَّشوا دور النقابة وأضاعوا حقوق الموظفين بأطماعهم في شيء قد لا نعلمه نحن البسطاء أو أنهم يتباهون بأنهم أعضاء نقابة (بالاسم) فهي كما قال الشاعر إذاً (ألقاب مملكة في غير موضعها .. كالهرّ يحكي انتفاخاً صولة الأسدِ).
ثانياً: هناك شركات ومؤسسات لم تتبع قرارات اللجنة العليا ولم تلتزم بما يجب أن يُتبع في حال وجود حالات مصابة بكوفيد-19، ما الذي يجب على المؤسسة أن تتبعه وماذا يجب أن تفعل وهذا كله يهدد طبيعة العمل وأمنه ما يجعل الموظف تحت تهديد صحته وعائلته خوفا من نقل هذا المرض، فإن كان فعل المؤسسة عكس ما يندرج تحت البند الذي يقول، على صاحب المؤسسة القيام بإغلاق مكان العمل الذي تم الاشتباه بوجود الحالة به فوراً مع استمرارية العمل فيه ومنع الدخول والخروج منه وإليه، كذلك منع الاختلاط مع كل الموظفين الموجودين في تلك المنطقة أو مكان العمل، وعلى المؤسسة القيام بتعقيم المكان وباستخدام المواد المعقمة والمعتمدة وتوثيق ذلك لتقديمه للجهات المختصة، فهذا يعني أن المؤسسة لم تجد من يردعها ويلجمها وهذا كله يأتي في دور النقابة العمالية في الحدّ من هذا التجاوز واتخاد ما يلزم أياً كان، وإن لم تستمع الإدارة لما يُقال فهذا يعني أن على النقابة أن ترفع الموضوع لجهات عُليا، وجهات تشرف عليه، فالنقابة ليست مجرد جهة وحيدة في هذه المؤسسة بل هي جهة تتبع لجهات ومنظمات دولية ولها الحق في رفع الشكوى التي لم تلتزم بها الإدارة.
ما نعرفه هنا أن النقابة، يجب أن يمثلها الشخص الكفء، وهو الشخص القادر على تسلّم المسؤولية والقادر على المواجهة أيّاً كانت مكانة من يواجهه؛ لأن على عاتقه مسؤولية عظيمة وأمانة تحتاج تأديتها، تحتاج إلى أشخاص يستمعون إلى الأعضاء ويحترمون آراءهم وانتقاداتهم ويمتصون غضبهم ويساعدونهم للوقوف بجانبهم وفي تلاحم صفوفهم، لذا كان لزاماً على الأعضاء أن يختاروا الشخص الذي يتمتع بهذه الصفات وصاحب المهمات، ورجل المواقف والذي يتصف بسلاسة الحديث وأن لا يخاف من العواقب؛ لأن صاحب الحق يبقى مُحقاً وله الأمان وأنا أتحدى أيّ جهة تقف ضد من لهم حق في قضيتهم، وأن تكون النقابة جهة منفصلة انفصالاً تاماً عن إدارة الشركة وأن لا تسيِّرها الإدارة كيفما تريد وأينما تريد.
كتبتُ هذا المقال نظير ما رأيته من أحداث لم ترُقْ لي، وإنني رجلٌ كنت وما زلت لا أقبل التهاون والانتهاكات التي من شأنها أن تغيظني، فدائماً ما كنت أواجه الأشخاص الذين ينتهكون مثل هذه الانتهاكات بحق الموظفين، لذلك فأنا أوجّه رسالة هنا إلى كل الموظفين في أي مؤسسة كانت أن يختاروا الكفء وأن يكون عضو النقابة شخص يعرف المصطلح ويوظفه في الشأن الذي يسير عليه، وعلى الجهات المؤسسية مراجعة قراراتها التعسفية وانتهاكاتها لحقوق موظفيها.