2024
Adsense
مقالات صحفية

ماذا تعلمنا ؟

سالم بن حميد البداعي

يقال أن العقول كمظلات الطيارين، لا تنفع حتى تفتح، فبعد مرور عام تقريباً على جائحة كرونا، والتي ما زالت تعصف برحاها على هذا العالم، نسأل أنفسنا كأفراد وجماعات، وهيئات، وحكومات ماذا تعلمنا من هذا الدرس؟ ماذا قدمنا لنعالج هذا الوضع؟ ماهي مبادراتنا نحو المجتمع لنساهم في تقليل خطر هذا الوباء؟
أين نحن من خارطة برامج الابتكار والتكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي؟
ونتيجه لهذه المشاكل هل تفتحت عقولنا عن أفكار عملية لننتشل أنفسنا من براثن هذا المرض؟ وهل ابتكرت عقولنا أمصال وأدوية؟ وهل ساهمت عقولنا في إعداد وبناء وتجهيز وحدات صحية وأوقية مانعة وملابس واقية مثلاً؟ أم أن عقولنا أقفلت بمجرد أن المظلة، تعطلت وتعطل الطيار معها؟…

بطبيعة الحال هناك الكثير من الجهود، والكثير من الإنجازات التي تم تنفيذها على أرض هذا الوطن ولا ينكرها إلا جاحد، وهي جهود كبيرة، وعطاءات عظيمة، سواء كانت من الجهات الحكومية، أو من بعض جهات القطاع الخاص، ولعلَّ التلاحم، والتعاون، والتواصل، بين القطاعات المختلفة وأبناء المجتمع ساهم وبشكل كبير في توفير مظلة الرعاية الصحية للمواطن والمقيم على حد سواء..
إلا أننا ما زلنا نعتمد في علاجنا، وغذائنا، وملبسنا، على الآخرين..
لماذا لم تحرك فينا هذه الجائحة مهارات التفكير والبحث والتقصي وروح المبادرة والأخذ بزمام الأمور، والعمل على التصنيع و الإنتاج؟ لماذا لا نسعى لنكون مبادرين ومطورين ومساهمين بدلاً من أن نكون متلقين ومستهلكين، ونقبع في صفوف المنتظرين والمترقبين أعطونا أو منعونا؟ لماذا لم تعمل مختبراتنا الطبية على البحث والتقصي؟ ولماذا لم تنتج مصانعنا وتسهم بأكثر مما أنتجت وساهمت به؟ لماذا كانت تبرعات ومساهمات بعض شركات القطاع الخاص تقدم على استحياء؟ وكما يقال لا خير في أمةٍ تأكل مما لا تزرع، وتلبس مما لا تصنع.
يجب أن تحرك فينا هذه التحديات أسلوب التخطيط الصحيح، وطريقة التفكير المنطقي والعلمي والإبداعي الغير مألوف ( خارج الصندوق)، والإطلاع على التجارب والأفكار، وتشجيع أفراد المجتمع لتقديم آرآءهم، والنزول للميدان ومعرفة الواقع بدل من كتابة التقارير على الأوراق وحبسها في الأدراج، أو انتظار وقوع الفأس على الرأس كما يقال.
يجب على جميع الجهات التفكير جدياً كل حسب جهته المسئول عنها كيف لنا أن نطور من خدماتنا؟ وإلى أين نريد أن نصل بمؤسساتنا خلال العشر سنوات القادمة مثلاً؟ ما هي تحدياتنا الحالية، وما هي تحدياتنا المستقبلية وما هي حلولنا إزاء هذه وتلك؟
كمواطن غيور أسال نفسي لماذا نرضى بأن نكون أقل من غيرنا في البحث العلمي والانتاج الاقتصادي والمعرفي؟ لماذا لا نكون الأفضل في المبادرات العلمية والصحية والتقنية؟ يجب علينا أن نحل المشاكل قبل أن تقع، وأن نضع التصورات والبدائل لمختلف الاحتمالات والتوقعات.
لدينا عقول بشرية وامكانيات مادية ومهارات فنية، لكننا -من وجهة نظري- نفتقد إلى المبادرة الايجابية والتخطيط السليم المرتبط بالواقع والمستقبل، والقدرة على التنفيذ، ونعمل بطريقة إنفرادية في الأداء، فنفتقد إلى التواصل والانسجام بين مؤسساتنا المختلفة، إلا فيما ندر، ونعتمد على المال الذي لدينا لتوفير مستلزماتنا، لكننا لا نفكر كيف يمكن أن نستثمر هذا المال، وبأن يكون مصدر قوة لدينا للمستقبل، وأن ننتج مستلزماتنا بدل استيرادها، فلدينا عقدة الغرب وشطارته، وجهل الشرق وضعفه، لا نسعى للبحث والتجربة في التطبيقات المتطورة، والمجالات المتقدمة، ولا نسعى للمساهمة والتطبيق في الحقل المعرفي بشتى أنواعه.
نعم لدينا عقول بشرية واعية ومتعلمة، ولكن -للأسف- عقول مهاجرة حلقت بعيداً خارج الوطن، لم تجد من يحتويها ويسعى لتبنيها ووجدت ذلك خارج وطنها…
إلا أن الأمل مازال موجوداً، والطموح قائم والسعي الدؤوب مستمر ويوماً ما سوف تعود هذه العقول المهاجرة، ولن تبقى خارج الوطن دوماً، فسوف يأتي الوقت لتعود وكما يقال (قبر في الوطن ولا قصر في الغربة).
ختاماً أرى بأننا بحاجة إلى مسؤولين لديهم رؤيه واضحة، وأهداف محددة لمؤسساتهم، يسعون لتحقيقها ولا نحتاج إلى كلمات رنانة ومصطلحات مطاطه كبيرة واسعة، وفي النهاية لا يتحقق الهدف المنشود، ونحتاج إلى فرق عمل متعاونة، وتناسق وتناغم بين مؤسسات الدولة المختلفة، وقبل هذا وذاك أن يكون لدى المسؤول والموظف على حد سواء نية صادقة في الإخلاص في العمل والإنتاج، وأن تكون مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights