سلطنة عُمان تحتفل بالعيد الوطني الرابع والخمسين المجيد المجيد
Adsense
فعاليات وأنشطة النبأمقالات صحفية

إخفاق المرناة

سعد بن فايز بن خميس المحيجري

ها نحن نقترب من ختام الشهر الفضيل، الذي نسأل الله تعالى أن يكتبنا فيه من الفائزين الغانمين ومن قرأ، ونسأله أن يتم لنا صيام ما بقي؛ إنه حميد مجيب.
لا شك أن الأغلبية الساحقة من الناس في الشهر الفضيل قد اطّلعوا على البضاعة المعروضة على المرناة، ولا يخفى على ذي لب أن معظم البضاعة باتت مستهلكة لا جديد فيها، وكاسدة لا فائدة تُرجى منها، والفَطِن يعلم أنها بضاعة إن أُريد بها إلا تحقيق قوله تعالى: (…وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا) (النساء 26)، وما يؤسف الخاطر حقًا أن القائمين على إنتاج هذه البضاعة وتسويقها وبيعها هم المسلمون أنفسهم، ولا يمكن أن تواصل مدة نصف ساعة دون أن يتخللها ما يهدم فضيلة أو يدعو إلى رذيلة، فإن كان المحتوى سليمًا ففي أحيان كثيرة هو محشو بفواصل إعلانية دنيئة، وهنا أنبّه أولياء الأمور إلى الانتباه لفلذات أكبادهم مما يُفرض عليهم من أفكار قد لا تظهر نتائجها إلا بعد فوات الأوان.
يتوجب على القائمين على إعداد هذا المحتوى الذي ينهش قيم المشاهد ويخدش ذائقته تصحيح أوضاعهم، فمنصات التواصل الاجتماعي قادمة لا مفر، وأمست قريبة جدًا من بسط سيطرتها وتأثيرها على المشاهد، وانتزاع سطوة المرناة وتأثيرها الذي استمر عقودًا من الزمن، فالمحتوى المعروض وتنوّع أساليب تقديمه واختلاف شرائح المستهدفين ومراعاة الأعمار ورقي المضمون كلها من الأسباب الرئيسة التي تمهّد لذلك، ولا يغيب عن الجميع أن جميع ذلك بمجهودات شبابية فردية، وإن كانت جماعية فلا تجاوز أصابع اليدين، وبإمكانات متواضعة لا تعادل شيئًا مما تملكه تلك الشركات الإنتاجية من موارد وتسهيلات ومساهمات.
إن أتينا على المستوى المحلي فقد لا نصل إلى الوصف أعلاه من فساد البضاعة المعروضة، ولكن نفتقر إلى البضاعة أساسًا؛ فلا محتوى ولا هدف، ولا طريقة عرض ولا تجديد، فنحن نعود أدراجنا عمّا كنّا فيه، وإن كنّا أساسًا لم نرتقِ في محتوانا إلى المستوى المرغوب قياسًا على ما تقدمه دول الجوار من محتوى. قد ظهرت علامات الاستغراب والإستفهام عن الإنتاج الهادف من الوسائل الإعلامية الحكومية، في وقت أثبت فيه مجموعة من الشباب عبر منصات التواصل الاجتماعي وبمجهودات متواضعة قدرتهم على إمكانيّة صنع المحتوى، وابتكار طرق متجددة للعرض دون تكلّف، وبإمكانيات محدودة ومساهمات مقتضبة خجولة ومشروطة من بعض الشركات التي أجبرتها المسؤولية المجتمعية على الإسهام فيها على مضض، ولكن أعمالهم تؤكد على قدرة الشاب العماني على الإبداع والابتكار والصناعة، وإن كان هاويًا لا متخصصًا. أصبح المتابع ذكيًا في اختيار المناسب لذائقته، وواعيًا بأساليب الشركات الإنتاجية وأهدافها الخبيثة، وأصبحت ضغطة زر قادرة على التحكم باختياراته دون تدخلٍ من أحد.
بحديثي عن منصات التواصل الاجتماعي وتسارع الإعلام الإلكتروني الذي يسيطر على الفضاء التقني الإعلامي يسرني أن أتقدم بالتهنئة الخالصة إلى القائمين على صحيفة النبأ الإلكترونية باعتمادها (صحيفة إلكترونية عُمانية) تحت مظلة وزارة الإعلام، وعلى رأسهم الأستاذ طالب بن مبارك المقبالي، ونسأل الله تعالى أن تكون الصحيفة إحدى اللَّبِنَات التي تقود الإعلام الإلكتروني إلى آفاق الإبداع.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights