ملامح منظومة القانون الجوي
ظافر بن عبدالله الحارثي
يشكل قانون الطيران المدني الصادر وفق المرسوم السلطاني رقم ٢٠١٩/٧٦ الأساس التنظيمي للملاحة الجوية وحركة النقل فيها بشكل عام، كما يعد في ذات الوقت الإطار القانوني للأنشطة المتعلقة بالمجال الجوي وكل المساحات الأرضية والمياه المرتبطة بها، فضلًا عن تنظيمه لقواعد الجو، وموضوع المطارات وحقوق الارتفاق الجوية، والعمليات الجوية، ومسألة الموافقات المرتبطة بهذا الجانب، وتنظيم النقل الجوي التجاري، والبحث والإنقاذ وغيرها… ؛ والجدير بالذكر أن معاهدة الطيران المدني الدولي الموقعة في شيكاغو في ٧ ديسمبر ١٩٤٤م بما فيها من ملاحق وتعديلات، تعتبر جزءا لا يتجزأ من هذا القانون، بل تقدم على القانون في حال وجود تعارض بينهما.
إن أحكام هذا القانون يسري على:
أ- الطائرات المدنية المسجلة في السلطنة أينما وجدت بما لا يتعارض مع أحكام قوانين الدول الأخرى التي تعمل فيها الطائرة،
ب- المطارات المدنية وتجهيزاتها الموجودة في إقليم السلطنة، ج- النقل الجوي التجاري والطيران العام.
د- خدمات الملاحة الجوية؛
و تتولى السلطة المختصة مسؤولية تطبيق أحكام هذا القانون، بما في ذلك الصلاحيات والاختصاصات المنصوصة في القانون، على سبيل المثال أذكر منها: (تنظيم إنشاء وتشغيل المطارات والمهابط، سلامة وأمن الطيران المدني وتسهيلات النقل الجوي التجاري والطيران العام والمشغلين الجويين وخدمات الملاحة الجوية والأرصاد وكافة أنشطة الطيران المدني الأخرى، تفتيش الطائرات وحجز الوثائق ذات الصلة ومنع الطائرات المخالفة من الطيران، غلق المجال الجوي العماني بالتنسيق مع الجهات المعنية، والإعلان عن ذلك، فرض وتحصيل الرسوم الخاصة بالخدمات التي تقدمها السلطة المختصة، بالتنسيق مع وزارة المالية والجهات المعنية، إصدار النظم الخاصة بإنشاء كافة شركات النقل الجوي التجاري، والطيران العام.)
وعند الحديث عن ملامح هذا القانون لابد من الوقوف على أبرز المصطلحات المهمة كالمطار وهي (مساحة محددة على سطح الأرض أو الماء بما عليها من مبان أو منشآت أو معدات مخصصة كلياً أو جزئياً لوصول الطائرة ومغادرتها وحركتها على السطح)، والطائرة وهي (مركبة هوائية أثقل من الهواء تعمل بقوى محركة، وتستمد قوة رفعها للطيران أساساً من ردود فعل حركة الهواء على أسطح تظل ثابتة في ظروف طيران معينة)، أما قائد الطائرة فهو (الطيار المسؤول عن تشغيل وسلامة الطائرة)، ويرأس طاقم الطائرة وهم أشخاص مكلفين من قبل المشغل الجوي بواجبات على الطائرة؛ وعلاوة على ذلك لابد الإشارة على أن يكون الطيران عام عندما نكون بصدد الطائرات المدنية المخصصة لغير أغراض النقل الجوي التجاري، أما النقل الجوي التجاري فهي الرحلات جوية التي تقوم بنقل ركاب وبضائع وبريد أو أي منهم، مقابل أجر.
إن التحقيق في حوادث ووقائع الطيران تتم من قبل وحدة إدارية مستقلة مخصصة لذلك، ويكون لمحققي هذه الوحدة بعض الصلاحيات التي تمكنهم من أداء عملهم بصورة سلسة، كما يقع على عاتقهم مسؤليات وبروتوكول معينة حددها القانون، إلا أن خلافًا عن الأصل قد يشكل فريق مشترك يمارس مهام التحقيق في بعض الحالات منها( حالة وقوع حادث أو واقعة طيران بين طائرة مدنية وأخرى عسكرية)؛ والجدير بالذكر أنه يكون لموظفي ومفتشي السلطة المختصة الذين يصدر بتحديدهم قرار من الجهة المختصة صفة مأموري الضبط القضائي فيما يتعلق بتطبيق أحكام هذا القانون أو أي من اللوائح والنظم أو القرارات المنفذة له، وبالتالي يكون لهم ممارسة الصلاحيات المحددة في دليل إجراءات العمل، ولهم في سبيل ذلك الحق في الآتي: أ- الدخول غير المقيد للتفتيش على الطائرات والمطارات وخدمات الملاحة الجوية ومرافق ومؤسسات الطيران المدني الأخرى،
ب- تفتيش الوثائق والسجلات ذات الصلة إذا كان لذلك مقتضى،
ج- التحقق من تنفيذ إجراءات وتدابير السلامة والأمن التشغيلية لجميع مرافق الطيران المدني والقائمين عليها،
د- تفتيش واختبار فعالية التدابير والإجراءات الأمنية المتبعة والمعدات والأجهزة الأمنية المستخدمة،
هـ- حجز الطائرة ومنعها من الطيران في حالة وجود مبرر لذلك.
و- وقف الموافقات الصادرة إلى أفراد ومؤسسات الطيران المدني.
خلافًا عن بعض التوجهات الفقهية، سلك المشرع العماني الإتجاه الذي يرى بأن تكون الطائرة في حالة الطيران في الفترة الواقعة بين اللحظة التي يتم فيها إغلاق جميع أبواب الطائرة الخارجية بعد صعود الركاب إليها حتى يتم فتح أي من تلك الأبواب من أجل نزول الركاب منها، وتكون طائرة في الخدمة منذ بدء إعداد الطائرة للطيران بواسطة الفنيين المختصين أو بواسطة طاقم الطائرة للقيام برحلة معينة حتى مضي (٢٤) أربع وعشرين ساعة على آخر هبوط للطائرة.
لم يغفل المشرع الإشارة للمسؤولية المدنية للمشغل الجوي والتي من بينها على سبيل المثال: أن يكون المشغل الجوي مسؤولاً عن الأضرار التي تلحق بالآخرين على سطح الأرض أو الماء متى كانت ناتجة عن طائرة في حالة طيران، وأن يتحمل المشغل الجوي نفقات البحث والإنقاذ والتعويضات عن الأضرار التي وقعت في أثناء عمليات البحث والإنقاذ للطائرة أو بسببها؛ وفي المقابل لقد حددت المادة (٥٩) من القانون الأفعال التي تشكل جريمة تتعلق بالاعتداء على سلامة وأمن الطيران المدني منها على سبيل المثال لا الحصر:(احتجاز رهائن، إعاقة الخدمات في المطار، القيام بعمل من أعمال العنف ضد شخص في مطار يخدم الطيران المدني، أو على متن الطائرة، الإبلاغ عن معلومات كاذبة، وغيرها من الأنشطة التي تشكل فعلًا مجرمًا؛ كما أعتبر المشرع فعل الاعتداء على أحد أعضاء الطاقم، ورفض اتباع التعليمات الصادرة من قائد الطائرة أو أحد أعضاء الطاقم نيابة عنه لغرض تأمين سلامة الطائرة والأشخاص والممتلكات والحفاظ على النظام والانضباط على متنها جريمة تهدد سلامة وأمن الطيران المدني، والجدير بالذكر أن المشرع قد أفرد فصلًا كاملًا يتناول من خلالها العقوبات التي توقع لمن خالف أحكام هذا القانون؛ وعلاوة على ما سبق حدد القانون الحالات التي تكون فيها المحاكم العمانية مختصة بالفصل في الجرائم.