المقاومة العمانية للوجود البرتغالي في الخليج العربي والمحيط الهندي (( ١٥٠٧م – ١٦٩٨م ))
الجزء الثاني عشر: –
استعرضنا فيه ثورات العمانيين ضد الاحتلال البرتغالي البغيض.
الجزء الثالث عشر: –
مقالنا لهذا اليوم إن شاء الله تعالى هو الحملة البرتغالية الثالثة لإخماد الثورة العمانية التي اشتعلت عام ١٥٢١م
👈 انتفاضة عام ١٥٢١م
– توقفنا في المقال السابق عند تحرك الأسطول البرتغالي من الهند بقيادة دوم لويز دي منزيس ويعتبر إرسال هذا الأسطول هو الحملة البرتغالية الثالثة لإخماد الثورة العمانية المشتعلة.
– توجّه الأسطول إلى مدينة قلهات وقام قائد الأسطول بإنذار الحاكم ليسلم عشرين أسيراً برتغالياً تمّ أسرهم من قِبل الثوار فكان ردّ حاكم قلهات بأنه لا يملك أيّ سلطة لإطلاق سراح الأسرى أو اتخاذ أي إجراء بشأنهم وأنه ينتظر أوامر ملك هرمز في هذا الشأن كون المدينة تابعة له.
– أثناء المراسلات بين قائد الأسطول البرتغالي وحاكم قلهات ديلامير شاه وصلت للبرتغاليين رسالة من الشيخ راشد يطلب المساعدة ضد قوات قلهات التي وصلت براً إلى مسقط وتستعد لمهاجمة المدينة.
– تحرك الأسطول البرتغالي لمساعدة الشيخ راشد وفي طريقه مرّ على مدينة طيوي فهاجمها وأوقع الهزيمة بحاكمها ثم أكمل المسير باتجاه مسقط وتمّ شنّ هجوم مشترك بين الحليفين المسقطي والبرتغالي ضد القوات القلهاتية بقيادة حاكمها الهرمزي ديلاميرشاه وتمكنت القوات المشتركة من هزيمة القوات المهاجمة في منطقة الوادي الكبير وقُتل خلال المعركة القائد ديلاميرشاه.
– بعد نجاح الانتفاضة العربية العمانية في صحار انقسمت قوات الثورة إلى ثلاث مجموعات وهي: –
١- الشيخ حسين بن سعيد الجبوري زعيم قبيلة الجبور والتي تقدّر قواته بحوالي ٥٠٠ فارس و٤٠٠٠ مقاتل مشاة.
٢- الشيخ سلطان بن مسعود زعيم إحدى القبائل العمانية وكان على رأس قوة تعدادها ٢٥٠ فارس و٣٠٠٠ مقاتل مشاة.
٣- الوالي الهرمزي المتحصن في قلعة صحار بحامية عسكرية قوامها ٨٠ مقاتل.
– كل هذه المجموعات الثلاث تحاول السيطرة على صحار بشكلٍ منفرد. وعليه فقد استغلّ البرتغاليون هذا الوضع بذكاء ودهاء كبيرين فقد باشروا فور وصولهم في مارس عام ١٥٢٢م بالاتصال بالشيخ حسين الجبوري الذي وجد أن مصالحه تلتقي بمصالحهم وعليه فقد قَبل أن يتعاون معهم على شرط أن يترك له حكم صحار في مقابل الاعتراف بالسيادة البرتغالية عليها.
– في ١١ مارس عام ١٥٢٢م اتخذ الجانبان البرتغالي من جهة البحر والجبوري من ناحية البر كامل استعدادهم للهجوم ولكن الوالي الهرمزي لم يجد بُدّاً من الانسحاب للإفلات من كمّاشة سوف تقضي عليه فتوجّه إلى هرمز تاركاً خلفه حامية تتكون من ثمانين جندياً بلا قائد ولذلك فقد استسلموا فور بدء الضغط العسكري عليهم.
– دخل البرتغاليون المدينة فأخذوا يمارسون هوايتهم المفضلة وهي النهب والذبح وإشعال النار في مختلف أنواع المنشآت فلجأ السكان الى الشيخ حسين الذي قام بالاحتجاج على تصرفات الجنود البرتغال لدى القائد دي منزيس فتوقفوا عن الأعمال التخريبية المشينة التي يقومون بها وتنفيذاً للاتفاق فقد سلّم البرتغاليون المدينة للشيخ حسين بن سعيد الجبوري وعينوه والياً عليها بشرط ألا تكون له علاقة بهرمز كما عينوا بجانبه مأموراً برتغالياً لإدارة شؤون صحار المالية وجمع الضرائب السنوية من التجار.
– وصلت أخبار إخماد الثورة في صحار إلى حاكم هرمز تورانشاه وأدرك بطبيعة الحال أن الثورة قد فشلت وأن الأسطول البرتغالي قادم إليهم لا محالة لذلك قرر الهرب فجمع مدخراته من الذهب والأموال والمجوهرات ثم أحرق المدينة التي ظلّت تحترق لمدة أربعة أيام متتالية بينما توجّه هو إلى جزيرة قشم المجاورة وبحرق المدينة حُرم البرتغاليون من الاستفادة منها وعقّد بعض الشيء من مهمتهم.
– قرر البرتغاليون تشديد قبضتهم العسكرية والاقتصادية على هرمز فقام لويز دي منزيس بتعيين محمد شاه سيف الدين الذي يبلغ ١٣ سنة حاكماً جديداً على هرمز.
– في خضمّ هذه الفوضى من ثورات وانتفاضات وقتال وانتكاسات استغل الشاه إسماعيل الصفوي هذه الأوضاع وأرسل مندوباً إلى هرمز يطالب حاكمها الجديد بالضرائب التي لم يتم دفعها له منذ وقوعها تحت الإدارة البرتغالية وهدد بأنه سوف يمنع القوافل التجارية البرية من خرسان وكرمان وفارس المتجه إلى سواحل الخليج العربي وهرمز.
– اعتذر ملك هرمز محمد شاه عن دفع الضرائب للشاه إسماعيل كما اعتذر عن دفعها للبرتغاليين بذريعة الحصار الاقتصادي الإيراني على هرمز وبالتالي لا يستطيع دفع ما عليه من مستحقات بسبب الانهيار الاقتصادي الذي تسببت فيها الأحداث السابقة واللاحقة.
– وبسبب هذه الأوضاع ونتيجةً للضغوط البرتغالية على الملك الصغير تم توقيع اتفاقية بين البرتغاليين وملك هرمز في بندر ميناء ميناب بالساحل الفارسي.
– في ٢٣ يوليو عام ١٥٢٣م وقعت اتفاقية ميناب وقد وقعها عن الجانب البرتغالي دورات منزيس وعن الجانب الهرمزي محمد شاه وتضمنت البنود التالية: –
١- تبعية مملكة هرمز لملك البرتغال وتسلم له مباشرة متى طلبها ويظل محمد شاه حاكماً عليها من قبله.
٢- زيادة قيمة الضريبة التي تدفعها هرمز سنوياً إلى البرتغال حيث وصلت إلى ستين ألف أشرفي.
٣- تبعية تجار هرمز للإدارة البرتغالية في مقابل أن يضمن لهم البرتغاليون حرية ممارسة التجارة والملاحة في المحيط الهندي.
– بتوقيع هذه المعاهدة تم إخضاع مملكة هرمز للحكم البرتغالي المباشر وأن الملك محمد شاه مجرد ديكور فقط، فقد تم تجريده من جميع صلاحياته وبذلك سيطر البرتغاليون على هرمز سياسياً واقتصادياً ويعني كذلك انتهاء انتفاضة ١٥٢١م التي دامت ما يقرب من العشرين شهراً أي سنة وثمانية أشهر تقريباً من تاريخ ٣٠ نوفمبر عام ١٥٢١م إلى ٢٣ يوليو عام ١٥٢٣م.
مقالنا القادم إن شاء الله تعالى سوف يكون عن ثورة عام ١٥٢٦م.
المصادر: –
– المقاومة العمانية للوجود البرتغالي
في الخليج العربي والمحيط الهندي
(( ١٥٠٧م – ١٦٩٨م ))
المؤلف: –
أحمد بن حميد التوبي
– اليعاربة أمجاد وبطولات
المؤلف: –
د. أيمن محمد عيد
– دولة اليعاربة
المؤلف: –
د. عائشة السيار