2024
Adsense
قصص وروايات

مما وَرَد

خولة محمد

أينَ تذهبون يا سادة في لحظاتِ الحزنِ؟
بينما أتصفحُ الجديد مما ورد، وجدتُ هذا السؤال من أحدهم، ورأيتُ أنه سؤالا من الجيدِ أنْ نعرفَ إجابتهُ قبل أن تلتفت إلينا وجوه الحزن المظلمة!

فكان أول جوابٍ داهمَ ذهني، أن نُعيد صياغته بأسلوبِ النهي، إلى أين يجب أن لا تذهب حينَ الحزنِ والألم؟

حينها سيكون جوابي كالآتي:
يجب أن لا تذهب لمكان تحبه، وكنتَ تظنُ الوصول إليه سيزيحُ ألمك؛ لأنكَ ستجده موحشا،
وسرعان ما ستأبى الذهاب إليه لاحقا… ستجده غريبٌ ينهرك بعدما كان يحتضنك في جميل لحظاتك!.

ابتعدْ عن كلّ اقتباساتك التي تقرأها، تلك التي ترسل لك وابلُ الطمأنينة والأَنَفة في أحوال اليُسرِ والفرح؛ لأنكَ ستقرأها هذه المرة وهي عابسةٌ تهجوك!
 
لا تسترسلْ ذاكرتك عرض لحظاتك السعيدة؛ لأنك ستراها تبدلتْ للشحوب!…
ستجد غُربة خضَّم سعاداتك الآنِفة.

أرجئ السعي متلهفا لمن يستمع لمأساتكَ، فإن لم تكسركَ نظرات الشفقة ستطعنك – ربّما – سهام آهاتك حين يوزعها للآخرين مَن كنتَ تظنهُ يُحسن الإنصاتُ لألمك بل ويحفظ أسرارك !  

إذا بدأتَ تشعرُ برتابة إجابتي، سأعود لسؤالك كما هو :إلى أين تذهبْ؟
ببساطة أذهبْ لنفسك، أنتَ أكثر منْ يعرفكَ، وأنتَ أعمقُ من يتفهمكَ، وأنتَ أوفى من يُصغي إلى ألمكَ،وأنتَ أحكم من ينسج نورا من متالفكَ!

فإنْ وجدتَ نفسكَ مع نفسكَ ما زلتَ ضائعا، فماذا عن من هو أقرب منكَ إلى وريدكَ، سيلهمكَ رشدا، اذهب إليه بضعفكَ، ومتاهات حيرتكَ، وأخبره عن عجزكَ، عن هزائمكَ، وعن جلّ انكساراتكَ، حينها فقط ستنبثق لكَ طرقا من نورٍ، وتوَّدُ حينها لو تصرخ سعيدا بانتصاركَ: “لقد تجاوزتُ صعابي، لقد عبرتُ”.

وماذا لو عدتَ طفلا تتمرغ تحت قدم أمكَ، ايقِن أنّ دعوةً منها ستقلب حالكَ لإنشراحٍ. فإنْ لم تجدها، فلتجرب صدقة الخفاء، أو فك كربة عن مكروب مثلكَ، سترى كيف أَثَر تنفيسها يعود بخير – لا يُحصى – إليكَ،
فصنائعُ الخير لا ترجع إليكَ إلا بالخير. وأخيرا، ماذا عن صديقٍ مخلص؟

هذا في حال الحزن المعتاد الذي يلمّ بنا بين حينٍ وآخر، أما المكتئب فذاكَ له شأنٌ آخر، إذا وصلتَ إلى هذه الحالة فلا أجد لك إلا أنْ تتخير – بفطنةٍ – طبيبا نفسيا عبقريا، يُعيد إحياء ما مات منكَ، وينزعُ ما زُرع من بؤسٍ فيكَ، وبرفق يضعكَ في درب التقدم والسلام.

فإنْ لم تجد انشراحا بعد هذا كلّه، مزّقْ ورقتي هذه وارسلْ إليّ فلسفتكَ في مجابهة حزنكَ، لا تعلم، قد أضيفها لاحقا إلى بريدي المرسل! وأوصي بها.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights