إداريات
سالم بن حميد البداعي
نحتاج في الإدارة إلى مرونة في التعامل، ومهارة في الأداء، وسرعة في الإنجاز، وتأقلم مع الظروف، وتحديد زمن لإنهاء العمل المطلوب.
فالمرونة بما لا يخل بنطاق العمل، ولا يخل بالأهداف المطلوب إنجازها( لا تكن يابساً فتكسر ولا لينا فتعصر )، ونجد هذه المهارة موجودة في تاريخ الدعوة الاسلامية، وما تلاها لدى الصحابة والتابعين والقادة المتميزين، فالإداري عليه أن يتقمص عدة شخصيات، ويتبنى عدة أنماط بما يساعده على التكيف مع فئة العاملين معه، إلا أنه وهو في غمرة اندماجه في العمل يعلم جيداً ( بأن رضى الناس غاية لا تدرك)، وبأن ( أولى خطوات الفشل أن تحاول إرضاء كل من تعرفه)، وهو ما بين المطرقة والسندان، يكيف وضعه بما لا يخل بالعمل، وبما لا يفقد زملاءه أيضا.
والمهارة في الأداء؛ نقصد بها هنا الدقة في تسيير العمل بما لا يتناقض مع ما هو مطلوب، وما هو قائم وموجود، فهناك شخصيات تتسم بسمات معينة وهيئة لمهارات معينة، تختلف عن شخصيات أخرى تستطيع أن تنجز لك العمل المطلوب بمهارة فائقة، وبدرجة عالية من التميز والإتقان، مع جودة متميزة في الإخراج النهائي، وهذه الفئة التي تحتاجها في بعض المهام، وبعض الشخصيات لديها مهارات في أعمال مميزة أخرى، سواء كانت إدارية أو فنية أو مهنية، وأنت كإداري متمرس يجب عليك أن تتمعن في مثل هذه الشخصيات، وأن تحلل هذه القدرات، وأن تسخرها وتوظفها في الزمان والمكان والوقت الصحيح ( الرجل المناسب في المكان المناسب )، ولاتنسى أن تقول كلمة ( شكراً ) بعد إنجاز الأعمال لمن معك من زملاء، ولنا في التاريخ الإسلامي نماذج كثيرة وشخصيات متعددة، امتزجت فيها المهارة بالعمل وبالشخصية القيادية.
والسرعة هنا ليست في العمل على الفوز قبل الآخرين والإخلال بما هو مطلوب، وإنما عدم التسوييف، أو انتظار الفرص، أو متى ما سمحت الظروف لإنجاز العمل المطلوب، وإنما السرعة هي إنجاز ما هو مطلوب وفق الزمن المتاح، ووفق المنهجية المطلوبة، وبالكفاءة المنشودة حتى لا يحدث خلل في تحقيق الأهداف المطلوبة، ولا تأثر سلباً على مستوى الإنتاجية في العمل، فالعمل الإداري سلسلة مترابطة من الإجراءات والخطوات المهمة المؤدية إلى تحقيق النجاح.
والتأقلم هنا؛ هو التكيف مع الوضع الراهن وليس التذمر والتأسف على ما هو كائن وقائم، وندب الحظ العاثر والشكوى من واقع الحال، والبكاء على الأطلال، وإنما تحليل الواقع والإستفادة مما هو موجود وقائم، والعمل على تحويل المحنة إلى منحة، والألم إلى أمل، و الخاطرة إلى فكرة، والفكرة إلى واقع عملي، مع إمكانية دراسة المستقبل والتنبؤ بما يمكن أن يكون عليه، ووضع السيناريوهات المحتملة، ووضع خطط العلاج البديلة، والحلول المقترحة، مع توليد أفكار جديدة وعبقرية، وهذا مانسميه( بالتفكير خارج الصندوق)، وهذا ما يميز الإنسان الإداري عن الآخر.
كذلك بالنسبة لتحديد الزمن، فهو من المهم والضروري، ووضع سقف زمني وفترة محددة واضحة، ومقرر فيها إنهاء العمل المطلوب من بدايته إلى نهايته، وتحديد الأفراد والمهام الموكلة لكل فرد، وتقييم ومراجعة ما تم إنجازه بين فترة وأخرى.
فهذه هي مجموعة الأركان الأساسية، ومنطلقات عملية ينطلق منها الإداري الناجح لإنجاز وتحقيق ما هو مطلوب منه بدرجة عالية من الكفاءة، وما يسعى هو لتحقيقه من انجاز العمل، والتميز في الأداء والجودة في العطاء بمهارة جيدة ومهنية عالية.