“جاءنا البيان التالي”
هلال بن حميد بن سيف المقبالي
هكذا يبدوا لنا الأمر عندما يردنا الخبر الذي يتمناه الجميع، جاءنا البيان التالي “بحمد من الله وتوفيقة، وبعد نجاح اللقاحات المضادة للفيروس، و تطبيقً الأجراءات، وتنفيذًا للقرارات والتزامكم بالإحترازات التي كانت سببًا لذلك، نعلن لكم ما أعلنته منظمة الصحة العالمية أن فيروس كرونا(كوفيد 19)، قد تلاشى من جميع دول العالم وتحطمت جميع جيوبه، ودفاعاته، وأصبح العالم آمن من العدوى وخالٍ تمامًا من الفيروس”، فحمدًا لله انزاحت الغُمة، وارتاحت الأُمة.
حتمًا ستعم الجميع الفرحة، فقد تلاشى كل شي، بفضل الله ورحمة منه لعبادة، وأصبح هذا الفيروس الجاثم على صدورنا، مدة زمنية متعبة، واقعة تاريخية حالها حال الوقائع الأخرى، التي سجلها التاريخ ووردت إلينا رغم مضي القرون من السنين عليها.
كانت أيام صعبة مرت على البشرية جمعاء، وكأنها كانت حلمًا أو بعدًا من الخيال خارج عن الواقع الافتراضي، ولكنها الحقيقة التي عشناها بكل تفاصيلها، وتعايشنا معها ومع تلك الأزمات التي صاحبتها هذه الجائحة التي ستكون هي محور حديثنا في مستقبل الإيام، ونرويها لأحفادنا، فما مررنا به لم يمر عَلى آبائنا، ولا حتى مرت مثلها على أجدادنا.
نعم، هناك أوبئة كانت وقضت على أمم وشعوب، ولكن لم تكن بهذه الحالة، رغم إمكانياتهم البسيطة، هذه الحالة التي أوقفت حرية قضاء نواحي الحياة، ونحن عندنا ما عندنا من الأمكانيات والقدرات الطبية ومراكز الأبحاث العلمية، التي لم تكن متوفرة في لديهم في ذلك الزمان.
جائحة كورونا (كوفيد 19) ذلك الفيروس المرعب الذي أرعب العالم أجمع بجميع ثقافاته وأطيافة ومعتقداته ودياناته، وقدراته، لم يستثني أحدًا. تلك الجائحة التي عشنا أيامنا على رغبتها، وتعايشنا الوضع مجبرين بحلوه ومره ، بلينه وقسوته، وكأنه سيناريو محتم علينا تنفيذه، مع كل ذلك لم يمر بدون ذكرى أليمة لفقد عزيز قريب أو صديق.
أيام مرت علينا ملتزمين بكل ما تصدره الدول من تعليمات وتنبيهات، وتخذيرات، ملتزمين منازلنا، وكأننا في سجن اختياري، لا نخرج منه إلا للضرورة، والضرورة القصوى، فقدنا التواصل المجتمعي، والزيارات الأسرية، تخلينا عن كل العادات والتقاليد المجتمعية والأسرية، التي كنا نمارسها مرت علينا شهور لا مسجد يفتح ولا صلاة جمعة تقام، ولا مدرسة قرآن يردد فيها كلام الله، تعظمت الأمور، وكنا نظنها لم تعظمُ.
أيام تملكنا الخوف فيها، بدأنا نخاف من كل شي حولنا، نخاف أن يلحق بنا أحد بعدوى الوباء، ونخاف أن نلحق بعدوى الوباء للآخرين، وبقى هاجس الخوف من العدوى مرتبط بنا وبتحركاتنا أينما توجهنا، حتى اصبحنا نشكك في كل شي بأن الفيروس موجود فيه، من كل شي صرنا نخاف، أيام مرت علينا، كيف كانت؟… الله أعلم بها.
وقع علينا هذا الفيروس كالصاعقة، لا يرحم عاجزًا ولا يستثني أحدًا إلا ومر عليه، كبيرًا كان أو صغيرًا ، إلا من رحم ربي.
عاش العالم في رعب ، وكأن العالم أصبح فيلم رعب، بما تعرضه لنا شاشات التلفزة، ومواقع التواصل الإجتماعي وما تعانيه الشعوب من هول نتاج هذا الفيروس، أصبح الجميع في سجن كبير محاط بفيروس ارتبط به مصير كل الشعوب، هكذا كنّا فترة زمنية في عمر البشرية؛ لتخلد للتاريخ ذكرى ألمًا وعبرة.
فمتى سياتي هذا البيان الذي يثلج صدور الجميع؟.