الضيف المنتظَر وجائحة كورونا
الدكتور: سعيد بن راشد بن سعيد الراشدي 15/4/2021 م
تمرّ بالعالَم الإسلامي هذه الأيام نفحات ربانية عظيمة؛ ألا وهي نفحات شهر رمضان المبارك، شهراً تغشانا فيه رحماتٌ من الله سبحانه وتعالى، وضيفاً ينتظره كلّ منا بكل شوقٍ ولهفة.
حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾. الآيات 183 -185 من سورة البقرة.
هذا الشهر العظيم – شهر رمضان المبارك – يُعتبر من أعظم وأفضل الشهور عند الله سبحانه وتعالى. وكيف لا وهو شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن، فيه يتزودُ المسلم بكل أنواعِ الطاعات، وتُلتَمس فيه كل القُربات إلى الله سبحانه وتعالى؛ طلباً للمغفرة وأعظم الثواب.
وهو من أعظم نِعم الله سبحانه وتعالى علينا؛ فيه أنزل الله سبحانه وتعالى القُرآن الكريم، وفيه يغتسل المسلم من الذنوب والمعاصي، ويجدّد فيه العزيمة على التوبة والإيمان.
فشهر رمضان المبارك شهرٌ عظيم وشهرٌ مقدس عند كل المسلمين، فيه روحانيات عظيمة لا تُعد ولا تحصى، فيه تُفتح أبواب الجِنان، وتغلق أبواب النّيران، يجتهد المسلمون فيه بجميع الطاعات ومختلف العبادات.
يزيد فيه التّكافل بين المسلمين من خلال البذل والعطاء والتزود بالخيرات والحسنات.
وكذلك من فضائل شهر رمضان المبارك العظيمة ليلة القدر فهي ليلة مباركة وعظيمة وتُعتبر من أعظم الليالي في السنة كلها، وهذه اللّيلة وصفتها سورة القدر بأنّها خيرٌ من ألف شهر، وسُميّت بهذا الاسم لعظم شرفها وقدرها عند الله سبحانه وتعالى.
كذلك هناك من الأحاديث النبوية الشريفة التي تحدّثت عن فضل شهر رمضان وليلة القدر وعظمها وفضلها. منها قوله صلى الله عليه وسلم: (مَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ هذا الشَّهرَ قَد حضرَكُم وفيهِ ليلةٌ خيرٌ مِن ألفِ شَهْرٍ من حُرِمَها فقد حُرِمَ الخيرَ كُلَّهُ ولا يُحرَمُ خيرَها إلَّا محرومٌ) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ونحن في وطننا العزيز عمان، وفي ظل هذه الجائحة العالمية جائحة “كورونا”- نسأل الله تعالى أن يرفعها ويحفظنا وبلادنا والمسلمين في كل بقاع العالم ويحفظ العالم اجمعين- حلّ علينا هذا الضيف المنتظر، ونحن ننتظره بكل لهفة وشوق، حلّ علينا ونحن نعاني كما يعاني العالم أجمع من التداعيات الكبيرة لهذه الجائحة؛ لهذا يجب ُعلينا جميعاً أن نتعاون ونتكاتف ونكون يداً واحدة، وأن نلتزم كل الالتزام، وأن نتقيد بالتوجيهات والإجراءات الاحترازية الصادرة عن الجهات المسؤولة، والجهات المكلفة لمتابعة تداعيات هذه الجائحة؛ حتى نعيش هذه الروحانيات الربانية الجميلة في هذا الشهر المبارك العظيم بدون كدرٍ وبدون ألم.
حفظ الله عماننا العزيزة وأهلها الكرام في ظل من يُكمل المسير مولانا صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه وسدد على الخير خُطاه. أنه سميع مُجيب الدعاء.