الطحن الذاتي
أحمد بن موسى البلوشي
النقاش وطرح الآراء والأفكار من الوسائل الحوارية الضرورية بين أفراد المجتمع، والهدف الرئيس منها الخروج بحصيلة من النقاط المهمة، والتي يمكن الاستفادة منها حول القضية المطروحة، بل تعتبر ظاهرة حضارية، وفكرية تدل على ثقافة الأفراد، ووعيهم بالظروف الرّاهنة، والتحدّيات التي تواجهها المجتمعات المختلفة في هذا الزمن. ويُعرف الحوار اصطلاحاً بأنّه: “مناقشة أو محادثة بين مجموعة من الأفراد حول موضوع، لكلٍّ فرد منهم وجهة نظره الخاصّة به، بهدف الوصول إلى فهم أوسع وأعمق للقضية المطروحة بطريقة تعتمد على المنطق والعقل والبيانات والمعلومات حتى تتضح الصورة وتًعطى النقاط التي يمكن الاستفادة منها، بشرط أن يكون الفرد بعيدا عن التذمر والتعصب والنقد الجارح”.
وما نلاحظه في الفترة الأخيرة في وسائل التواصل الاجتماعي كثرة المناقشات، والآراء المتضاربة حول بعض المواضيع التي تطرح، والتي – للأسف – تدلّ على جهل الكثير من أصحاب هذه الآراء، مضمون هذه المواضيع، فهي ليست أكثر من طرح سلبي للموضوع، والنظر إليه من زاوية واحدة، بل يعرضه البعض وكأنّ هذه القرارات صدرت ضدّ المواطن، والهدف منها الإضرار بمصلحة الناس، ومعيشتهم! ولابد أن نعرف بأنّ مبدأ العمل المتبع معنا هو لصالح المواطن وليس ضده. فإذا مررت بتجربة سابقة في موضوع ما؛ فهذا لا يعني أنّ جميع المواضيع هي ضدك أو أنها خاطئة، فمثلا عندما أقرّت اللجنة العليا منع الحركة الجزئي، احتّج الكثير من الأشخاص، واعتبره البعض قرارا غير مجدٍ، بل ضدّ مصلحة المواطن، فمن أنت لتحكم على مثل هذه القرارات بالفشل؟ في حين نرى دولا عظمى تمنع الحركة كليا، وتغلق الأنشطة التجارية ولفترة ليست بسيطة، فهل من المعقول أنّ هذه الدول لا تعرف مصلحتها ومصلحة مواطنيها؟ أو أنّها تصدر قرارات ضد مصالح شعبها؟ يجب أن نعي شيئا مهمّا، وهو أنّ متخذي القرارات سواء في اللجنة العليا أو غيرها من اللجان هم مواطنون مثلنا، وعلى وعيّ تام بما يحدث في المجتمع، فالمصلحة العامة تأتي قبل باقي المصالح.
كما أنّ المقارنات بين الدول غير منطقية، وغير عادلة، فلا يمكن أن تقارن بين دولة وأخرى؛ ولذلك لسبب بسيط، وهو أنّ سياسة كل دولة، وخططها مختلفة عن الأخرى، ولا يجب أن ننظر للأمور بالمنظور المالي فقط، نعم المال من المطالب الأساسية، ولكن ليس في كل شي، فمال بلا صحة لا فائدة منه، ومال بلا تعليم ولا استقرار لا جدوى منه.
وأخيرا لا تنتقص من قيمتك، ومن وطنك بطرحك لأمور لا تعيها، ولا تساير الركب فيما يطرحون من نقاط سلبية لا أساس لها من الصحة، فالطرح الجيد مفيد، وصحي حتى على الصحة النفسية.