كيف نحمي الأبناء من الإلحاد؟
إلهام عوض عبدالله الشهراني
تجتاح العالم الإسلامي موجات إلحادية متنوعة يدّعي أصحابها العقلانية والفكر الحرّ، ويبررون ذلك بأنه يتماشى مع الإنسانية أكثر من الأديان السماوية.
لقد اتّخذوا خطوات متفرقة برمي سهامهم على ثوابت العقيدة الإسلامية، فخطفوا أنظار من حولهم، وأحرقت نارهم مَن اقترب منهم حتى أهل الاستقامة أثاروا في أنفسهم الظنون، ولم يسلموا من شرورهم.
ومن هذا المنطلق: يجب أن نتدارك الأبناء ونسعى لحمايتهم من الغزو الفكري المنحرف الذي يخرجهم من الملة ويرمي بهم في بحر الإلحاد حتى القاع.
والجدير بالذكر: أن شباباً في مُقتبل العمر انساقوا خلفهم، ولبسوا نظارات سوداء بعد اعتقادهم بالشبهات والبدع التي ادّعوها كردود أفعال نفسية من ظروف اجتماعية عاشوها ترسبت في أنفسهم نتيجة الحرمان من الرعاية الدينية والمعنوية، وآخرين انساقوا رغبةً في الحرية المطلقة ومحبةً بفعل الفواحش بعد إيمانهم التام بمعتقدات غير صحيحة، مثل: أن الموت والقبر والجنة والنار في علم الغيب ومستقبل مجهول.
وفي ذات السياق:
المألوف أن الأبناء يتحلون بالسلوك التربوي والديني من الوالدَين، ولكن بعض الأسر تجعل غاية اهتمامها الاكتفاء بتعليم الأبناء الصلاة والصوم والأخلاق الحميدة، وتوفير الاحتياجات المالية والمعيشية تاركين الحرص على تغذية أذهانهم ووجدانهم وتذكيرهم بالخالق الذي أبدع في خلق الكون وأبدع في خلقهم بأحسن تقويم، قال تعالى: (وفي أنفسكم أفلا تبصرون* وفي السماء رزقكم وماتوعدون) سورة الذاريات: 21.
كذلك الرضى بالأقدار الربانية والقضاء والقدر فهي حكمة إلهية يقدرها سبحانه وتعالى على الخلق كما يشاء، فخير البشر الأنبياء عليهم السلام وقع عليهم ابتلاءات عظيمة، وهم قدوة البشر لأن الدنيا دار ابتلاء وفناء والآخرة دار جزاء وخلود.
كذلك يجب الحرص على تشجيع الأبناء بقرءاة القرآن بتدبر لمعرفة معانيه وتفسير الآيات الكريمة كفيلة ببناء حصن ذاتي إيماني يشعّ نوره بالقلب فيخرجهم من الظلمات إلى النور، ويرسخ في أذهانهم أن الله خالق الكون والمتصرف به.
وأيضاً غرس نهج اتّباع سنّة نبي الأمة عليه الصلاة والسلام في أقوله وأفعاله لقوله عزوجل: (ما أتاكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب) سورة الحشر: ٧.
إن العقل والمنطق يوجبان إخبار الأبناء وإطلاعهم بشكلٍ مرئيّ وسمعي عن فتن آخر الزمان التي أخبرنا بها سيد الخلق عليه الصلاة والسلام وهي دليل قاطع على نبوءته لتوسيع مداركهم وتثبيت قلوبهم على الدّين، وهناك كتاب عظيم من تأليف ابن كثير رحمه الله يسمى: ” النهاية في الفتن والملاحم”.
كذلك الحرص على الأبناء في اختيار الجُلساء الصالحين، والبُعد عن التعارف عبر العالم الافتراضي لما فيه من المتردية والنطيحة، كذلك توعيتهم من الفضائيات وبالذات القنوات التي تعمل على غزو دينهم تمهيداً لطريق الإلحاد في أنفسهم، وإبعادهم عن خالقهم ببيع الأوهام تحت مسميات تمسّ حاجة البشر، مثل: جلب الرزق وتسهيل الزواج وجلب الحبيب والعلاج الروحاني، بقصد زعزعة دواخلهم من التوكل على الخالق والتضرع إليه والانكسار بين يديه.
فيجد الشيطان نافذة مفتوحة يدخل منها للنفوس الضعيفة، ويسير بهم لطريق مظلم من الشرك بالله المؤدي للإلحاد.
وفي الختام :
يجب أن يعلم الجميع أننا نعيش في زمن الفتن، يصبح الرجل مسلماً، ويمسي كافراً، يبيع دينه بعَرَضٍ من الدنيا فلا شيء يُسعد النفس ويحميها إلا الإيمان، ومن يفقده لا يشعر بالاطمئنان والأمان فلا يوجد جواب للتساؤلات إلا بقراءة القرآن والعمل به، فلا راحة للنفس إلا بالقرب من خالقها سبحانه وتعالى.
وآخر دعوانا: رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد عليه الصلاة والسلام نبياً ورسولاً.
اللهم اهدِ كل ضالّ من المسلمين، واحمِنا وذريتنا من شرّ الفتن ما ظهر منها ومابطن، والله الهادي لسواء السبيل.