انقذوا أجيالنا من ثقافة العنف في الرسوم المتحركة
عبدالله بن حمد الغافري
Alssedq@hotmail.com
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه والتابعين وبعد:
قال الله جل في علاه:
(لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ فِیۤ أَحۡسَنِ تَقۡوِیمࣲ)
[سورة التين 4]
كلنا ندرك أن الله تعالى خلق الإنسان، وصوّره وجعله مكرّماً على باقي المخلوقات؛ لأنه سيدها وهي مسخرة له، لذلك فإن الله تعالى رتب لهذا الإنسان ما يجعله ينشأ نشأةً صالحةً متوازنةً في جميع جوانب حياته الجسمية والعقلية والروحية، يتسم بالتوازن والأخلاق والعقل والفطنة، لديه انتماءٌ لمجتمعه مقراً بعبوديته لخالقه، مراعياً إلتزاماته تجاه نفسه وأهله وبني مجتمعه ووطنه الكبير..!
وحتى يتمكن المربّون من غرس هذه القيم في شخص الإنسان، كانت مدة تربيته وتنشئته تزيد على العشر سنين.
ومن النماذج التشريعية للتربية الإيمانية والروحية، أن يتم تعليمه الصلاة لسبعٍ وضربه عليها لعشرٍ، والتفريق بينه وبين إخوانه وأخواته في المضاجع.
لكن لو تساءلنا لماذا كل هذا العناء في التربية؟!
لماذا العطف والرحمة بالصغير؟ لماذا لين القلوب مع هذه النفوس الطاهرة البريئة؟!
لا شك أننا سندرك أهمية ذلك على الطفل وعلى المجتمع على حد سواء..
وهذه التربية ليس هدفها فقط تنميةُ جسده ليأكلَ ويشرب وينام وحسب؛ بل لإعداد جيل قوي خُلقياً وسلوكياً ومعرفياً وروحيا؛ لذلك قيل في المثل: (أن أي أمة تريد أن تنهض وتقوي كياناتها فلتبدأ بصغارها)!!
ومما لا شك فيه أن على المربي الحرص على أن لا يشاركه أحد في تربية فلذات أكباده إلا بالقدر الذي يسهم في تقوية قدراتهم.
لكننا عندما نعود إلى وسائل الإعلام نجد إن هذه الشاشة الصغيرة تحمل وراءها ما يندي له جبين العاقل، ويتفطّر لها قلبه.! فكيف يصح لقنوات أن تغرس في أجيالنا سموم العنف والكراهية؟! فنجد الطفل أو الطفلة قد قست قلوبهم وهم يشاهدون هذه المقاطع المخيفة والخيالية لأبعد الحدود، والتي لا تعرف للأخلاق طريقاً إليها؛ بل نجد العنف والخيال والخرافة يتم تمثيلها لهم، وهم يتشربونها في عمرهم الغض الحديث.!
هذه الرسوم المتحركة الموجهة والتي لا مكان فيها للأخلاق ولا للفضيلة، ولا لأي قيمة إنسانية أو دينية أو مجتمعية تذكر..!
والسؤال المطروح هو: لماذا تسمح الجهات الرسمية بمثل هذا العناء الذي يكلف الدولة أموراً هي في غنى عن تكلفها؟!
ومن الذي يرعى هذه القنوات؟ و وفي مصلحة من تقوم هذه القنوات ببث سمومها؟ تحت غطاء تسلية الأطفال، ناهيك عما يتخلل هذه القنوات من لقطات غرامية فاضحة، ومن نشْر أفكار هدامة، وتخريب للعقول والعقائد الثابتة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، فتخرج لنا أجيالاً لا تستطيع حتى التوافق مع بني جلدتها.!
كما إن الرسوم بهذه الصورة لا تحمل أي صورةٍ أو تقليدٍ أو تراثٍ وطني أو ثقافي للوطن الأم وللإسلام! ، فترى اللباس غير اللباس، والبيئة غير البيئة، فتغرس في أجيالنا ثقافات وأخلاقيات لا علاقة لها بالإسلام ولا بالوطن، ولا بالآداب الاجتماعية الموروثة في مجتمعاتنا، فنجد مثلاً يتم تمثيل (الجدة) بلباس غير محتشم، ولا بهيئة أمهاتنا!!
بل بلغ الأمر بهذه الرسوم أن تشكّك في العقائد والإيمان.
ومن صور تخريب العقيدة الإسلامية في نفوس الناشئة أن يتم تسمية شخصية معينة، وينسب إليها سبب تحقق الأهداف، وتيسير الأمور وفتح المغاليق، مما يجعل الشباب يقدسون تلك الشخصيات، وربما اعتقد إنها تنفع أو تضر من دون الله استغفر الله!
إن هذه الدراما المتحركة لا بد أن تؤطر بإطار الأخلاق والقيم الإيمانية، وبالآداب الوطنية والموروث الحضاري للوطن.
وأعتقد أن الأموال متوفرة لإنتاج مثل هذه البرامج، ولا حاجة لاستيراد كل شيء، وأمانة التربية عظيمة يرخص لها كل غالي، والصورة مع الصوت ومع المشهد التمثيلي لها أثر السحر في غرس القيم وحفظ التوجهات وتحفيز السلوك الحسن، والله المعين إلى كلّ خير.