المدرسة حياة .. ثقافة الأفراد (2)
د. محمد بن أحمد بن خالد البرواني
محمد للإستشارات الإدارية والتربوية
لم تكن حبوب الراحة النفسية وحذاء السرعة والعصى البلاستيكية مجزية عن تطبيق اللوائح التي كانت أسيرة الأدراج غير معروفة ولا معلومة فاستخدام هذه الأدوات ليست منطقاً ولا ثقافة بحد ذاتها لنقل الطلاب إلى المستويات التعليمية والمعرفية المرغوبة، ولتوفير البيئة المناسبة للطلاب والمعلمين كي يبرزوا مهاراتهم ويعملوا على بناء طاقاتهم وإشباع ذواتهم، بل أصبحت المنظمة مدعاة للسخرية والتذمر وردات الفعل غير المحسوبة.
إن الثقافة هي العامل الحاسم للنجاح في تنفيذ إستراتيجية التشغيل وتلعب أيضاً دوراً هاماً في تحديد نجاح أو فشل المديرين، ووجد الباحثون أن هناك علاقة معنوية بين طبيعة الثقافة السائدة والعديد من المخرجات كالالتزام بالعمل ودوران العمل، وتعتبر الثقافة أحد الوسائل التي تمكن المديرين من تحقيق أهدافهم.
ومن وسائل التطوير الثقافي للقوى البشرية العاملة تطوير في الخطط المتعلقة بمكافأة الأداء والكفاءة وتطوير الاتصال، وبرامج العمل وتوزيع الأدوار وتوفير مناخ من التعاون والثقة وبناء مجموعات العمل، وإدارة الأداء الجماعي ومكافأة الجماعات، واكتساب القدرة على فهم وقبول الآخرين والالتزام بالمشاركة في تحديد القيم والتنمية الذاتية للقوى البشرية العاملة.
ويمكن تطوير ثقافة المؤسسة التعليمية من خلال وضع رؤية محددة تتضمن الثقافة المراد نشرها بالإضافة إلى أهمية الإلتزام بتطبيق هذه الرؤية وتدعيمها ومتابعتها وإيضاح ذلك للقوى البشرية العاملة من خلال الرسائل الواضحة المحددة الأهداف وبمختلف أساليب الاتصال؛ وذلك بتدعيمها من خلال التدريب وإدارة الأداء وتوفير نظام فعال للحوافز والمكافآت.
فلا تستطيع مؤسسة ما أن تنهض أو تنافس مالم يتحلى أفرادها بثقافة الإتقان والإبتكار والمشاركة وتفعيل جميع الأفراد، وكل ذلك يتطلب رؤساء ذوي خبرة عالية وقدرة على القيادة. إن معايير اختيار القيادة التي تعتمد على الاختبار والمقابلة التي يقوم بها أفراد من نفس المؤسسة التعليمية غير مجدية وأدّت إلى خللٍ كبير في تحديدِ سمات الإختيار التي تعود على سمات مقدّم المقابلة ونظرتهِ إلى نفسه وليس نظرته إلى ما يستطيع المتقدم للوظيفة أن يقدّمه للمؤسسة.
إن اختيار المتقدمين يجب أن يقوم به أشخاص من خارج المؤسسة لديهم الخبرات اللازمة والأسس التي ينبغي أن تسير عليها المقابلة والتي من خلالها يستطيع المقابل معرفة الشخص المتقدم وتوجيهه إلى الجهة المراده والتي يصلح أن يكون فيها دون أن يحدّد المتقدّم الوظيفة التي يرغب فيها.
إن هذا التوظيف الصحيح في اختيار القيادات يجعل تحقيق ثقافة المؤسسة في أبسط صوره، مما يساعد على نموها وتحسينها ويزيد من قدرتها على المنافسة وتحقيق الأهداف التي ترغب تحقيقها بكل سهولة ويسر، وليس أدل في ذلك من قوله تعالى: ( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269))- سورة البقرة- وقول طرفة بن العبد
إذا كنت في حاجةٍ مرسِلا فأرسل حكيماً ولا توصهِ
وإن ناصح منك يوما دنا فلا تنأ عنه ولا تقصهِ
وإن باب أمرعليك التوى فشاور لبيبا ولا تعصهِ
يجب أن تبحر المؤسسات وحدها لا أن تسحب وتجر وغالبا ما تعتمد فعالية القيادة على كونها قادرة على توقيت التدخلات بحيث أن قوة العمليات التنظيمية الطبيعية توسع من التدخلات بدلا من إخمادها فالتصميم التنظيمي حاله حال بناء سور من الثلج لجرف الثلج ومنعه من الامتداد، وليس مثل بناء الإنسان الثلجي.
وعلى مديري المدارس الانطلاق بالمدرسة ومسك مقودها فحسب، بل عليهم توجيهها إلى المسار الصحيح ،عندها سيعلم الجميع الاتجاه الذي نحاول أن نتوجه إليه.