2024
Adsense
مقالات صحفية

ادْفَعْ بالتي هي أحسن

راشد الفجري

{وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34)}-سورة فصلت
أبدأ مقالي بهذه الآية الكريمة،
فهناك فرق عظيم بين السيئة والحسنة وادفع بالتي هي احسن، أي أن لا نعامل من أساء فينا بالمثل، وإنما نعامله بالمعاملة الحسنة وبالخلق العظيم، وأن لا نقابل الإساءة بالإساءة، بل نقابله بالعفو والاعراض عمن أساء فينا بالأخلاق التي تربينا عليها وأن ندفع بالتي هي أحسن، وأن نكون سمحين متسامحين حتى في أصعب وأسوء الأمور، وكلما تسامحت وتغاضيت ستكسب قلوب الناس بالحب والاحترام.

ولكم في رسول الله أسوة حسنة، فحين عفا رسولنا الكريم عن المرأة اليهودية عندما أهدته شاة مسمومة، فأكل منها رسول الله صلى الله عليه وسلم عرف أنها مسمومة، فقال لأصحابه أمسكوا فإنها مسمومة، وجيء بالمرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال لها ما حملك على ما صنعتي ، قالت: إذا كان نبي سيطلعك الله عليها ولن تضرك، وإن لم تكن نبيا تسممت ومت واسترحنا منك، فقالوا أصحابه أنقتلها؟ قال النبي لا .. وعفا عنها.

هذه أخلاق الرسول وعلينا أن نتخلق بأخلاقه بحسن التعامل والأسلوب الجيد والطيب مع الناس، وقد حثنا ديننا بهذا الجانب لاسيما أنه من أهم مقومات الدعوة إلى الله التي يلزم فيها الحكمة فإن قول الله تعالى:
{ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)}-سورة النحل.

إن من الواجب علينا أن نعامل الناس بما نحب أن يعاملونا به إذا أردنا الاحترام من الآخرين، لذا احترم واجعل نفسك محترماً وحب للآخرين ما تحبه لنفسك واكره ما تكره على نفسك،

وما لا ترضاه لنفسك لا ترضاه لغيرك. وإذا أردت أن يعاملك الله بما تحب، عامل الناس بما يحب الله؛ بالتواضع وعدم التعالي عليهم، وأن تخاطبهم بالقول اللين ولا تجعل فارق بينك وبينهم في مستوى المكانة، فالمكانة والمنصب شيئان لا يدومان، فلو دامت لغيرك ماوصلت إليك، والنسب الذي تتفاخر به، فأعلم كلنا أبناء آدم وآدم من تراب.

فأياك أن ترى نفسك على الآخرين وتتكبر عليهم، فمن تواضع لله وللناس زاده الله رفعة ومكانة، وأنزل الله له المحبة والقبول في الارض، والدليل على ذلك حديث النبي عليه أفضل الصلاة والسلام، فعن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: إن الله تعالى إذا أحب عبداً دعا جبريل، فقال: إني أحب فلانا فأحببه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء، فيقول: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبداً دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلاناً فأبغضه. فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً فأبغضوه، ثم توضع له البغضاء في الأرض.

فلهذا كن من عباد الله المتواضعين المتحابين الذين يناديهم الله يوم القيامة أين المتحابين بجلالي، اليوم أظلهم في ظلي، يوم لا ظل إلا ظلي.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights