2024
Adsense
مقالات صحفية

جدلية العمل المستقل والحكومي

نعيمة المقراني
نعيمة المقراني

نعيمة المقراني

في ظل التغيرات العالمية الراهنة سياسيًا و اقتصاديًا و أمنيًا زادت الحاجة إلى البحث المتواصل عن مورد رزق، فالحياة صارت أكثر تعقيدًا و صرنا متطلبين أكثر، و استهلاكيين أكثر و أكثر؛ لذا يطمح كل واحد منا إلى وظيفة يسد بها حاجياته، من هنا فإن المتعلم كما غير المتعلم يرى في الوظيفة الحكومية أمانًا من عثرات الزمن و يرى فيها حلمه، فمن لا يريد أن يقول ابني فلان موظف بدائرة كذا، فمهما تطورنا فنحن مجتمعات شرقية نرى في اقتران الاسم بوظيفة حكومية بذخ لا يمكن أن يدركه الجميع، و المحظوظ هو من يرتاد مكتبًا أو دائرة تحت مسمى موظف حكومي ليتمتع براتب قار، و ترقيات تأتي مع الزمن و بالذات قروض تمكنه من تيسير بناء المنزل و اقتناء السيارة و فعل ما يحلم به و لو الشيء اليسير، و مرت عدوى الوظيفة الحكومية لكل الأجيال، و مهما حاولت اقناع الجميع أن السعي لأي شغل مستقل و لو مؤقتًا هو تجربة و مكسب سيجيبونك نحن مواطنون و من حقوقنا على دولتنا أن توفر لنا وظائف قارة. و حتما لا ننكر حقوقنا على بلداننا لكن الوضع العالمي تغير كثيرًا و أصبح مصطلح العمل المستقل أو ما يسمى بالانجليزية ( freelancing ) متداولًا خاصة في دول الغرب، فالشاب هناك تعلم في محيطه السعي لكسب رزقه حتى و إن كان طالبًا، و ما أكثر الذين لمعوا و ذاع صيتهم من فكرة أو مشروع بسيط لعمل اجتهدوا و جاهدوا دون كلل للنجاح فيه، طبيعة مجتمعاتهم تشجع على العمل المستقل و خاصة مع ضيق سوق الشغل في القطاع الحكومي و ازدياد أرباب الاموال في العالم و حاجتهم المستمرة لشتى الخدمات و الأفكار، كما حاجتهم لتكلفة منخفضة للأعمال دون الالتزام بالموظف القار في المكتب، من هنا يأتي دور الموظف المستقل أو ما يسمونه بالإنجليزية (freelancer). فهو الذي صار يربط أصحاب المشاريع سويًا، و هو الذي يقدم شتى الخدمات عبر عديد المواقع كل حسب ما يتقنه من أعمال، و المستقل الذكي من يضع خدماته في الحد الأوسط فلا هي بالغلاء المُنَفِّرِ و لا هي بالبخس الذي يشكك في جودتها، كما يجب عليه أن يكون صادقًا يؤدي أفضل مما يطلب منه في آجال محددة، إضافة إلى وجوب تميزه بالفطنة و الترغيب في خدماته، و مساعدة الزبون لاختيار الأفضل مع عرض عدة خيارات…

المهم و الأهم في العمل المستقل هو الصبر، ففي البدايات يكون الفشل أقرب إلينا، فلم نخلق و قد تعلمنا كل شيء فأكبر التجارب العلمية و المهنية مرَّت من باب الفشل، كما أن المنافسة شديدة في العمل المستقل، و المفتاح هي العزيمة و المثابرة و حب ما نفعله. و في مقارنة بسيطة مع الشاب العربي نراه مازال يرى هذا النوع من الأعمال كمنزلة دنيا، بل لا يفرِّق بين السمسرة التي تعتمد على عرض منتوج مهما كان نوعه من صاحبه و انتظار شرائه للحصول على عمولة و العمل المستقل الذي يكون هو فيه فاعلًا و منتجًا و صاحب خدمة أو فكرة، بل إن شبابنا يرى في كل شغل عبر الانترنت و المواقع هدرًا للوقت و الجهد أو هو سبيل لإحتيال عليه رغم أن هنالك مواقع مشهورة للعمل المستقل بها شروط و بنود تضمن حقوق كافة الأطراف.

إذن فنحن أمام عدم وعي بقيمة العمل المستقل و استسهال للوظيفة الحكومية دون مراعاة لمشاكل اقتصادياتنا و عجز سوق الشغل الحكومي عن استيعاب الجميع. و أخيرًا ليس لنا أن ننتظر من حكوماتنا تطويرنا، فلنكن نحن مطورين لأنفسنا و أوطاننا، فما نقضيه من وقت أمام شاشاتنا في الألعاب و مواقع التواصل الإجتماعي لو جعلنا نصفه للعمل و البحث لكنا أكثر الشعوب إنتاجًا، و نحن لا نفتقر للمواهب و الأدمغة. فقط وعي و رغبة …… فهل من واع؟!….

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights