وادي بني رواحة والمشاريع… منافع أم مجرد عبور ومخاطر ؟!
خلفان بن ناصر الرواحي
إن مما لا شك فيه أن المشاريع المختلفة بوجه عام تعتبر عصباً لاستمرار الحياة العصرية، وتيسيراً لمن يستفيد من منافعها، وهي بمثابة الاستقرار الاجتماعي والمعيشي للعديد من سكان المدن والقرى كمواطنين أو مقيمين على حدٍ سواء. كما أنها مؤشر إيجابي لقيام بعض المشاريع التجارية والاقتصادية أيضاً، وهي بلا شك مدعاة للفخر على الإنجازات التي تتحقق على أرض الواقع، إلا أن بعضاً من تلك المشاريع تأخذ منحناً سلبياً أكثر من كونه إيجابياً، حيث لا تراعى عند تنفيذها المخاطر المتوقعة عند التخطيط وعند التنفيذ، ولا يتم مراعاة العديد من الجوانب والتأثيرات الاجتماعية والنفسية عند اختيار المسارات التي تمر بها، من حيث الخسائر التي تؤثر على العديد من الممتلكات العامة والخاصة، ومن ضمنها مسارات الأفلاج والأموال الخضراء والبساتين، والمنازل والقرى القائمة منذ القدم، وهذا واقع معايش سواءً للمشاريع السابقة أو التي هي قيد التنفيذ، وهو واقع معايش في العديد من مناطق السلطنة، وسوف نتطرق لواقع نعايشه وهو خير مثال؛ حيث يعاني سكان وقاطني وادي بني رواحة بولاية سمائل سلبيات تلك المشاريع أكثر من إيجابيات تنفيذها، وسنسرد في هذا المقال بعضاً من تلك المشاريع وسلبياتها وما تسببت به وما يعاني منه قاطنيه.
لقد مرت على معظم قرى وادي بني رواحة بولاية سمائل العديد من المشاريع الحيوية والخدمية، ونذكر من هذه المشاريع الحيوية أولاً خطوط النفط والغاز، الممتدة من حقول النفط المختلفة إلى ميناء الفحل وغيرها من الاتجاهات التي تصل إليها، ومرت تلك المشاريع بالعديد من قرى الوادي، وكان تأثير مسارها على العديد من المزارع الحيوية القائمة بالرغم أن مساحاتها بسيطة ويعتمد عليها أغلب السكان في زراعتها بالمحاصيل الموسمية والنخيل ومختلف مصادر رزقهم الأخرى، وربما البعض منهم لا يملك إلا رقعة بسيطة يعتمد عليها كمصدر أساسي لمحاصيلهم الزراعية، ولم يراعَ عند اختيار مسار تلك المشاريع الآثار النفسية لهم والاجتماعية بالرغم من وجود مسارات بديلة يمكن تلافي مرورها بتلك المزارع والممتلكات القائمة، ناهيكم عن المخاطر المتوقعة لأي انفجار أو عطل مفاجىء إذا قدر الله ذلك. بالإضافة إلى أن وجود هذا المشروع قد تسبب أيضاً في عدم مقدرة ملاك المنازل والمزارع في البناء بالمواد الثابتة حتى لإقامة الأسوار، وكذلك الحال عند الرغبة لإعادة البناء للمباني والممتلكات القائمة، وذلك بحجة وجود الإحرامات القانونية التي وضعت من الجهات المسؤولة بين مسارات الأنانيب وتلك الممتلكات بمسافة تقدر بحوالي ٢٥ متراً، وأصبح بعض السكان يعانون من تلك السلبية، فأصبحت بعض المنازل بلا أسوار بالمواد الثابتة، دون مراعاة لحرمات المنازل بالرغم من قِدم وجود الأرض والمنزل عن قيام المشروع!. ناهيكم عن مرورها على مسارات الأفلاج وبعض مجاري الأودية الضيقة التي تقع بعض المنازل بالقرب منها.
ومن المشاريع الأخرى التي مرت بهذا الوادي مشاريع الخطوط الرئيسة لمياه الشرب، والتي هي أيضاً مرت على العديد من مسارات الأفلاج وبعض الممتلكات الخاصة دون مراعاة للأضرار التي تنجم من قيام تلك المشاريع، فقد نفذت دون وجود حمايات لبعض الأموال والمنازل القائمة وخاصة عند مرورها بمسارات الأودية الضيقة، وأصبح الخطر واقع ومحتمل وقوعه أيضاً عند جريان الأودية بغزارة، وتأثرت بعض الأفلاج من تلك المشاريع وكأن مسار هذه المشاريع لا يوجد له بديل آخر، وتم تغليب مصلحة إقامة المشروع من منظور قصر المسارات والكلفة فقط، دون مراعات الأضرار والمخاطر المتوقعة مستقبلاً على الممتلكات القريبة.
كما أن هذا المشروع الحيوي لم تستفد منه أغلب قرى الوادي، وتمر عليه المشاريع تلو الأخرى وكأنه مكتوب على سكانه أنكم راقبوا المشاريع واصمتوا واتركونا ننفذ كيفما نشاء!.
نعم لا اعتراض على إقامة تلك المشاريع، ولكن نطالب أن تراعى جميع الجوانب عند إنشاء أي مشروع حيوي وخدمي أيضاً، حيث لا بد أن يراعى التنسيق في اختيار المسارات الصحيحة التي تؤثر سلباً على الممتلكات القائمة، وتراعى خصوصية كل قرية من حيث وفرة الأراضي الزراعية والسكنية والتجارية، والمخاطر المتوقعة عند التنفيذ وما بعد التنفيذ. كذلك يجب أن تراعى أولويات وحاجة تلك المناطق التي تمر عليها تلك المشاريع منها أيضاً، فليس من العدل أن تقام مشاريع متعددة دون الاستفادة منها لتلك المناطق. فعلى سبيل المثال تم تنفيذ ثلاث مسارات لخطوط المياه بهذا الوادي، والخط الرابع قادم وهو قيد الإنشاء، وسوف يمر على العديد من تلك القرى الواقعة بالوادي، ومعظمها تعاني من عدم وجود شبكات مياه الشرب الصحية النظيفة من تلك المشاريع، وقد تمت مخاطبات رسمية من الأهالي للجهات المسؤولة، ولكن لا أجابة ولا مراعاة لإيجاد الحلول!.
لهذا نناشد الجهات المختصة والمعنية كلها بضرورة مراعاة اختيار المسارات، وتقييم المخاطر والآثار السلبية عند إنشاء أي مشروع، ومراعاة الجوانب المتعلقة بحاجيات وأولويات قرى الوادي، وتشكيل فريق مختص للوقوف على الآثار السلبية القائمة وتقييمها ووضع الحلول المناسبة لها، ومراعاة خصوصية المنطقة من حيث قلة وجود الأراضي الزراعية، وحرمات المنازل القائمة والممتلكات الأخرى، وإمداد الوادي بمشاريع المياه بشبكة حديثة تلبي طموح السكان للتقليل من المعاناة مع الوضع الحالي، وعلى أن يراعى في تنفيذ أي مشروع تغليب المنافع العامة على المنافع الخاصة عند التنفيذ دون التركيز فقط على الجانب المادي لتكلفة المشروع والنظر في المخاطر عند التنفيذ وما بعد التنفيذ.