السلطنة واليوم العالمي للمرأة
مسقط – العمانية
تُشارك السلطنة دول العالم اليوم الاحتفال بيوم المرأة العالمي الذي يُوافق الثامن من مارس من كل عام، انطلاقًا من الاهتمام الذي توليه السلطنة بالمرأة في كافة المجالات وإشراكها في خطط وبرامج التنمية والتركيز على جهود دعمها وتمكينها في مختلف القطاعات، وإبراز أدوارها البنّاءة في مختلف المجالات الاقتصادية والعلمية والاجتماعية والتعليمية والصحية والفنية وغيرها من المجالات، إلى جانب دورها الأساسي في التربية وتعزيز التماسك الأسري والتآلف الاجتماعي.
وتحتفل الأمم المتحدة هذا العام بهذا اليوم تحت شعار “النساء ودورهن القيادي: تحقيق مستقبل متساوٍ في عالم تسوده جائحة كوفيد 19″، ويحتفي بالجهود الهائلة التي تبذلها النساء والفتيات حول العالم في تشكيل مستقبل يتمتع العالم فيه بالمساواة على نحو أكبر، وعملهن على التصدي للجائحة والتعافي منها، كما يسلط اليوم العالمي للمرأة هذا العام أيضًا الضوء على الفجوات التي ما تزال تتطلب العمل على سدّها.
وقد تجدد الاهتمام السامي الذي حظيت به المرأة العُمانية منذ فجر النهضة المباركة، وفي العهد الجديد لتلك النهضة، وأكد حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- رعايته الكريمة للمرأة من خلال تعزيز إشراكها في مسيرة التنمية الوطنية ودعم دورها وتمكينها في مختلف المجالات.
وقالت السيدة معاني بنت عبدالله البوسعيدية المديرة العامة للتنمية الأسرية بوزارة التنمية الاجتماعية إن “السلطنة أولت اهتمامًا بالغًا بالمرأة العُمانية بكافة جوانب حياتها ككيان إنساني مقدر من خلال الشراكة مع الرجل في مسيرة بناء الوطن، ولقد أكد ذلك حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه – عندما أشار إلى ” إن شراكة المواطنين في صناعة حاضر البلاد ومستقبلها دعامة أساسية من دعامات العمل الوطني، ونحرص على أن تتمتع فيه المرأة بحقوقها التي كفلها القانون، وأن تعمل مع الرجل جنبًا إلى جنب في مختلف المجالات خدمة لوطنها ومجتمعها، مؤكدين رعايتنا الدائمة لهذه الثوابت الوطنية، التي لا مُحيد عنها ولا تساهل بشأنها”.
وأوضحت في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية “أن السلطنة تواصل جهودها لتطوير واقع المرأة العُمانية بما يكفل مشاركتها الفاعلة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعامة، وتشارك المرأة العُمانية الرجل في تمثيل دولتها في المحافل الدولية، حيث أثبتت جدارتها منذ بداية مسيرة النهضة الحديثة للسلطنة، فقد كانت السلطنة من الدول السبّاقة في تمكين المرأة على المستوى الإقليمي والدولي حيث كانت الدولة الأولى التي عيّنت امرأة لتمثيلها في الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي، ودخلت المرأة العُمانية في السلك الدبلوماسي في عام 1975م، كما تم تعيين أول امرأة عُمانية لتولي منصب سفير في عام 1999، وتم تعيين امرأة عُمانية بمنصب سفيرة في الولايات المتحدة الأمريكية خلال عام 2005م لتصبح أول سفيرة لدولة عربية في أمريكا، كما تمثل المرأة العُمانية السلطنة في عدد من المنظمات الدولية منها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الايسيسكو)، ومندوبية السلطنة الدائمة لدى الأمم المتحدة، ومنظمة التجارة العالمية، ومنظمة المرأة العربية، واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الاسكو)”.
وأضافت البوسعيدية أن “السلطنة تؤكد التزامها بعدد من المواثيق والاتفاقيات الدولية المعنية بالمرأة منها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) حيث توجهت وزارة التنمية الاجتماعية من خلال الخطة التنفيذية لإستراتيجية العمل الاجتماعي نحو إدماج منظور النوع الاجتماعي من خلال بناء وتطوير قدراتها المؤسسية في تحليل النوع الاجتماعي، والعمل على إدماجه في إطار المتابعة والتقييم من خلال نتائج ومؤشرات وبيانات وتقارير مستجيبة للنوع الاجتماعي، وتنسجم هذه الإستراتيجية مع الرؤية المستقبلية “عُمان 2040 “.
وقالت إنه “عطفًا على ذلك أطلقت وزارة التنمية الاجتماعية البرنامج الوطني ” تمكين ” في عام (2016) الذي يهدف إلى استثمار طاقة المرأة والأسرة بهدف التمكين الاقتصادي والمشاركة في الدخل الوطني، وتحويل الأسر المستفيدة من مظلة الضمان الاجتماعي إلى أسر منتجة ومساهمة في تنمية الاقتصاد الوطني”.
من جهة أخرى ركز محور المرأة ضمن رؤية عُمان 2040 على توفير البيئة الملائمة لمشاركتها في شتى مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمدنية، بما يعزز وضعها ويمكّنها من المشاركة الفاعلة في جهود التنمية الشاملة والمستدامة التي تمر بها السلطنة، كما تضمنت إستراتيجية العمل الاجتماعي (2016 – 2025) العديد من التوجهات الإستراتيجية بشأن أعمال حقوق الطفل والمرأة والأشخاص ذوي الإعاقة، واعتمدت على مقاربة النوع الاجتماعي في الخطط التنفيذية حيث أضحت هذه الفئات الاجتماعية الأصيلة في المجتمع العُماني جزءًا أساسيًّا من التنمية في البلاد ومرتكزاتها المستقبلية.
وكان تخصيص يوم السابع عشر من شهر أكتوبر من كل عام يوما للمرأة العُمانية والذي جاء بأمر سام في عام 2009 في ختام ندوة حولها أقيمت بسيح المكارم بولاية صحار، إيمانا بأهمية دورها الحيوي في المجتمع وترسيخًا لنهج المشاركة الذي سارت على طريقه مسيرة النهضة منذ انطلاقتها، وتكريما لها واعتزازا بإسهاماتها الناصعة والمتواصلة وما حققته من نقلة نوعية وكبيرة في مسيرة تطورها وتمكينها، نتيجة ما منحه إياها المشرع والقانون من حقوق في مختلف المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
وتشير الإحصائيات إلى معدلات عالية حققتها الإناث في العديد من المجالات، ومن بينها تجاوز نسبتها لـ 33% من إجمالي عدد العُمانيين المشتغلين في القطاعين العام والخاص في بداية النصف الثاني من العام الماضي 2020، وفي مجال الالتحاق بالتعليم بلغ معدل الالتحاق الإجمالي للإناث في الصفوف من 10 إلى 12 في العام الدراسي 2018/2019 (96.5%) ، وارتفع متوسط العمر المتوقع للحياة للإناث عند الولادة حيث وصل في العام 2019 إلى 79.2 سنة، وهي من النسب العالية في منطقة الشرق الأوسط.
ومن أبرز إنجازات المرأة العُمانية على المستويين الإقليمي والدولي تتويج الطالبة زهرة العبرية من تقنية نزوى خلال العام الحالي بالمركز الثالث على مستوى العالم في
مسابقة هواوي العالية للتكنولوجيا، وتتويج الكاتبة خديجة المفرجية بجائزة الشارقة في مجال أدب الطفل، وفوز الشاعرة رقية الحارثية بالمركز الأول بجائزة الشارقة في مجال الشعر عن ديوانها “قلب آيل للخضرة”، وفي عام 2013 اختيرت البروفيسورة العُمانية سلمى بنت محمد الكندية من قبل وزارة الخارجية الأمريكية للدخول في قاعة النساء المشاهير في العلوم لمنطقة الشرق الأوسط، اعترافًا بإنجازاتها وجهودها في مجال العلوم، وفي تحفيز الشابات على دراسة العلوم وممارسة المهن في هذا المجال.
وفي عام 2017 حصلت الكندية على جائزة (إنجاز الحياة) من مؤسسة فينس الدولية في الهند تقديرا لإسهاماتها في مجال علوم الكيمياء، وقرَّرتْ هيئة مهرجان جائزة “ميدالية العنقاء الذهبية الدولية للمرأة المتميزة” منح جائزتها في الدورة الرابعة العراق-أستراليا 2015-2018، للكاتبة الدكتورة سعيدة بنت خاطر الفارسية، وفازت الكاتبة العُمانية جوخة الحارثية بجائزة مان بوكر الدولية لعام 2019 عن روايتها “سيدات القمر كأول خليجية تفوز بهذه الجائزة “.
وإضافة إلى تقلد المرأة العُمانية مناصب قيادية في مجال العلوم والبحث العلمي في السلطنة، هناك ثلاث نساء عُمانيات فزن بجائزة لوريال باريس اليونسكو للنساء في مجال العلوم، التي ترعاها منظمة اليونسكو، لإسهاماتهن وإنجازاتهن في مواجهة التحديات العالمية، كتفشي الأمراض المختلفة، وتدهور التنوع البيولوجي والتهديدات التي يتعرض لها الأمن الغذائي وغيرها من المجالات العلمية.
وفي إنجاز آخر للمرأة العُمانية عملت الدكتورة منى بنت محمد الحبسية مع الفريق البحثي للبروفيسور الياباني تاسوكو هونجو الذي فاز بجائزة نوبل للطب للعام 2018، حيث عملت في الجزء المتعلق بالسرطان وهو الجزء الحائز على الجائزة ويختص بعلاج السرطان عن طريق تحفيز جهاز المناعة.
وتعمل المرأة العُمانية بجد ومشاركة متقدمة إلى جانب شقيقها الرجل في جهود مراكز البحوث الوطنية التي تعنى بتنفيذ بحوث متميزة في مجالات ذات أولوية وطنية، كالبحوث المتعلقة بالطب والعلوم وتقنية النانو لتحلية المياه بجامعة السلطان قابوس، وأبحاث علوم المواد والمعادن بجامعة نزوى، وبحوث مركز عُمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية، وفي برنامج دعم بحوث طلاب وطالبات المرحلة الجامعية الأولى، كما تستفيد كثير من الفتيات من برنامج دعم بحوث الخريجين وطلبة الدراسات العليا والأطباء الملتحقين بدورات المجلس العُماني للاختصاصات الطبية في تنفيذ مشاريعهن البحثية.
كما تشارك الفتيات العُمانيات في منصة المدن الذكية التي تعمل على تشجيع المبتكرين على تقديم حلول تقنية لما تواجهه مدن السلطنة من تحديات مُلحّة، ويشاركن الطالبات العُمانيات في برنامج تحويل مشاريع التخرج إلى شركات ناشئة في مجالات الثورة الصناعية الرابعة، وهناك تزايد في عدد الطالبات الملتحقات بالكليات العلمية، وفي إطار البحوث الفائزة بالجائزة الوطنية للبحث العلمي كان للمرأة العُمانية نصيب من المراكز الفائزة بالجائزة سواء في الفئة الأولى المخصصة لحملة شهادة الدكتوراه أو في فئة الباحثون الناشئون.