حان الوقت لتطوير إدارة أصول الوقف
خلفان بن ناصر الرواحي
تعتبر سلطنة عمان ذات تميز فريد ربما تفتقده بعض الدول الإسلامية الأخرى فيما يتعلق بوقف بعض الممتلكات من أراضٍ وعقارات، ونخيل ومزارع وغيرها من الأصول الأخرى، والتي تنوعت في أغراض الوقف الذي أُوقفت من أجله، فقد حرص العُماني منذ القدم بالوصاية بشيء من حر ماله سواءً في حياته أو بعد وفاته، وغالباً ما تكون تلك الأصول الموثقة للمساجد والأفلاج، ومدارس القرآن الكريم، ووقف للكتب، ووقف الإفطار للصائمين، وفطرة الأبدان، ولغرض تكفين الأموات، وتجهيز مستلزمات العيد للفقراء والمحتاجين، ووقف لأهل القرية أو القبيلة، وغيرها من الأوقاف المتعددة، حتى أنهم لم يفتهم وقف لسقاية المارة والمواشي والدواب ومدفع العيد وغيرها من الموقوفات التي لم تخطر على بال أحد!.
نعم تعددت أنواع الأوقاف في سلطنة عُمان، وتوزعت إدارة أصولها بين الجهات الرسمية في الدولة، وأخرى تُدار عن طريق الوكلاء المعتمدين للأوقاف الخاصة بكل ولاية وقرية، إلا أنه من الملاحظ بأن تلك الأصول تحتاج إلى وقفة للمراجعة من حيث الإدارة المثلى وحصرها واستثمارها، وإعداد سجل وطني خاص بها، يشتمل على الأوقاف العامة التي تُدار من قبل الحكومة، والأوقاف الخاصة التي تُدار من قبل الأهالي أنفسهم، بحيث تكون هناك منهجية واضحة في إدارتها، واستثمارها، وتقييم تلك الأصول جميعها، وإيجاد إدارة شمولية متكاملة بمنهجية علمية دقيقة، ويتم تصنيفها من حيث النوع والكيفية للاستثمار، وتقييم ما تبقى منها قبل فوات الأوان من الضياع والاندثار، إن لم يكن بعضاً منها قد اندثر وأصبح في طي النسيان والمجهول فيما أوقف له!.
لقد أصبحت بعضاً من تلك الأوقاف في طي النسيان، وربما تكون مجهولة لما أُوقفت من أجله، وهذا كله بسبب عدم وجود سجل يوضح بيانات تلك الأصول ونوعها والغرض الذي أُوقفت من أجله، وبعضها مستغل منذ زمن بدون مقابل، ودون مراعاة للذمة، والبعض منها يؤجر بقيم زهيدة ولا يعرف ريعها، وبعضاً منها تداخل مع الممتلكات الخاصة وأصبح ضمن أملاكهم، وربما لا يُعرف عنه شيئاً.
فالواقع الذي وصلت إليه اليوم بعض أوقاف المساجد والأفلاج ومدارس القرآن وغيرها من أنواع الوقف؛ نرى من وجهة نظرنا أنها بحاجة ماسة إلى وقفة ومراجعة، ونظرة شمولية لإيجاد سجل وطني شامل يتبع وزارة المالية أو جهاز الاستثمار العُماني، ويُدار بطريقة منهجية تواكب التقدم العلمي والثورة الصناعية في مجال البرمجيات والإدارة المتكاملة لما يحقق المصلحة العامة للدولة، وكذلك الحال فيما يتعلق ببعض الموقوفات الخاصة أيضاً.