2024
Adsense
مقالات صحفية

ليست متنفس

أحمد بن موسى البلوشي
أحمد بن موسى البلوشي

أحمد بن موسى بن محمد البلوشي

تعرّف وسائل التواصل الاجتماعي  بأنّها: “المواقع الإلكترونية والتطبيقات المختلفة التي يستخدمها البشر للتواصل مع الآخرين؛ وذلك لنشر أخبار وبيانات ومعلومات وطروحات متنوعة”، ورغم تنوع المواد المطروحة وتفاوتها في المحتوى العلمي، والثقافي، والاجتماعي إلّا أنّنا نجد فئة من الناس وأصحاب الصفحات والحسابات المشهورة والتي لديها نسبة كبيرة من المتابعين تنشر بعض المعلومات الخاطئة في صفحاتها، دون التأكد من مصداقية ما ينشرون، أو مراعاة أنّ هذه المعلومات قد تصل لفئة من الناس الذين يعتبرون هذه الوسائل مصدر معلوماتهم الوحيد.

    فإن كنت تعتبر هذه القنوات متنفسك لنشر الأخبار المغلوطة والسموم التي تبثها للآخرين؛ لتستعطف قلوب الناس فرجاء كل الرجاء ابتعد عنها، لأنّك بهذا التصرف تستخدم مواقع التواصل الاستخدام السيئ، فلابد أن تدرك بأنّ الناس مختلفون في طريقة تفكيرهم ومشاعرهم وأمزجتهم، فمنهم من يتأثر بمقطع تنشره وهو مفبرك، أو قصة حزينة وليس لها في الواقع مكان، أو بلقاء مع شخص يروي لك ظروفه الحياتية وهو يعيش عكس ما يقول، مما يؤثر على المشاهد، فيدخل في حالة حزن شديد جراء هذا المقطع، ويأتيك شخص ويقول لك: معقولة، هناك ناس تتأثر بهذه الصورة؟ نعم، وتتأثر بأكثر من ذلك، والطب النفسي شاهد على ذلك. فكم من الأخبار غير الصحيحة التي تسيء للوطن وتنتقص من إنجازاته تصلنا يوميًا فما الهدف منها؟ وكم من المقاطع التي ترسل لنا بصورة دورية عن عوائل تعيش بهذا الوطن لا تجد منزلا ولا ملبسا ولا قوت يومها وبعد التفحص والتحقق من الأمر نتفاجأ بأنّ الواقع عكس ما أرسل؟!

فما الفائدة التي تجنيها من إرسال هذه المقاطع التي تنتقص من قيمتك كمواطن؟ فإن كنت صاحب خير وواجب فالقنوات كثيرة ويمكنك التواصل معها وعمل الخير بدون تشهير أو إساءة للمحتاجين، فالفقراء والأغنياء موجودون في كل دول العالم وهذه سنة الله في الأرض، أمّا أن تجعل من نفسك ناشطا اجتماعيا وتقوم بنشر هذه المعلومات والأخبار والمقاطع فعذرا لأنّ هذا يسمى جهل وسوء استخدام لهذه الوسائل، ويقول الخبراء: “منصّات التواصل الاجتماعي لم تعد ترفا ويجب التعامل معها بذكاء”.

    حتى في المجال العلمي والمجال الطبي الذي نعتبره من المجالات الحساسة جدًا لأنّه مرتبط بصحة البشر، تجد فئة من مدّعي العلم والمعرفة، لا يتورعون عن نشر معلومات صحية وطبية خاطئة، ويوهمون الآخرين بصحتها والكثير منهم يصدقها رغم عدم وجود أي دليل علمي أو بحث يدعمها وهذا ما نواجهه الآن في موضوع لقاح كورونا، إذ امتنع الكثيرون عن أخذ اللقاح بسبب مقطع تم تداوله، وصاحبة لا يعي حتى ما يقول، رغم ذلك انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي انتشار النار في الهشيم، وأثار الخوف وأثرّ على سلامة الكثيرين ممن يستحقون اللقاح، لكنّهم امتنعوا خوفا منه بسبب معلومات مغلوطة لا تمت للعلم بِصَلة.
ويقول “جديديا كارلسون” الذي يعتبر نفسه باحثًا ناشطًا إلى حدٍّ ما على تويتر: “بالنسبة للعلماء، تُعَد وسائل التواصل الاجتماعي سلاحًا ذا حدين؛ إذ أنّها تمكِّننا من التواصل بعضنا مع بعض، ومشاركة أبحاثنا على نطاق واسع والانخراط مع الجمهور، ولكنها توفر أيضًا فرصةً للآخرين لإساءة تفسير بحوثنا واختلاسها لتعزيز نظريات المؤامرة والعنصرية والتمييز على أساس الجنس”. وهذا أكبر دليل على ضرورة توخي الحذر عند سماع أي معلومة تنشر على مواقع التواصل، مهما بدا المتحدث عالما أو عارفا، أو على دراية، فإنّ كلامه يعتبر في مهب الريح مالم يدعمه بدليل عملي قاطع يؤكد ما يدّعيه.

أخيرًا تأكد بأنّ نقلك لمثل هذه الأشياء ليست شجاعة، بل جهلا وافتقارا لأدبيات نشر الأخبار والمعلومات، فارسل ما هو مفيد وتستفيد الناس منه.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights