هبه
بدرية بنت حمد السيابية
رأيتها صدفة جالسة بين الحضور، وعيونها البرئية تراقب المارة هنا وهناك، وتنظرُ لأحد الرسومات المزخرفة في ذاك المكان بتمعن وتبتسم !كحمامة تحمل حول عنقها رسالة السلام، كنتُ أبتسم معها دون شعورها بذلك، وعيناي لم تفارقها، جميلة الوجة، شعرها القصير الناعم المتطاير على جفن عينها وأنفها المستقيم، سبحان من صوّر وجملها!.
راقبت حركاتها الجميلة والطفولية، شدني الفضول أن أذهب للتحدث معها، دنوت منها قليلاً ولمستُ يدها الناعمتين، فنظرت إليّ نظرة مملوءة استغراب، فقلت لها :لا تخافي يا صغيرتي، اقتربت منها وقبلت جبينها الصغير، ما أجمل رائحتها الممزوجة برائحة الياسمين العطرة، وكانت تنظر إليّ وتبتسم لترفع يدها نحوي، وحملتها بين ذراعي وحضنتها كحضن أم تحضن طفلها ونزلتها رويداً رويداً، حتى ركضت نحو امرأة لم أكن أعرفها، فحملتها وقبلتها واعطتها بعض الحلوى، اقتربت مني وقالت: شكراً لك على لطفك يا عزيزتي، أعرفكِ على طفلتي تدعى “هبه” ولدت صماء وبكماء والحمد لله، حينها أحسست بالحزن، ونزلت دمعتي هكذا بدون شعور، فحمدت الله حمداً كثيراً، فقبلت “هبه” وشعرت بأني لن أراها مرة أخرى فاعتبرتها قبلة الوداع، لوحت لها بيدي، وأردد عسى الله يجمعنا بكِ يا صغيرتي.