سياحة البـخشة
خميس بن محسن بن سالم البادي
نعي أن ثمة دور اقتصادي ومحوري للسياحة في كل أقطار العالم، وأن من العوامل المهمة لجذب السياح هو تقديم مختلف الخدمات وأفضلها، وتذليل العقبات وصعابها في هذا الجانب بغية استقطاب أعداداً مضاعفة منهم، بل وتقنين فرض بعض القيود على السائح لجعله يقبل على السياحة في بلدان السياحة والاستجمام والنقاهة والاسترخاء، لا سيما إذا ما عرفنا أن دول بعينها قائمة كياناتها على الدخل من السياحة، ولا شك أن بعض المجتمعات تنفر من القيود التي تضعها جهات الاختصاص في الدول، ثم العزوف عن المجيء سائحاً في تلكم الدول بحجة فرض ما يعتبرونه تقييداً لحرياتهم الشخصية، وما تعتبره السلطات ما هو إلا من قبيل التقيد والالتزام بقوانين وأنظمة البلد واحترام عادات وخصوصيات وتقاليد المجتمع، وحيث أن الجهات المختصة بالسلطنة تعمل على تنشيط وتشجيع الجوانب السياحية لما لها من المردود المادي الذي يعود بالنفع على اقتصاد البلد من خلال تشغيل المرافق الإيوائية والنقل العام وغيرها من الأنشطة الاقتصادية التي يدفع بعجلة دورانها السياح، ولكن في المقابل لا بد من وضع كافة التدابير والضوابط من مبدأ أن كل دولة ولها خصوصيتها التي يجب احترامها وعدم تعدي قوانينها وأنظمتها، حفاظاً على خصوصية المجتمع من إشاعة الفاحشة والأمور المستقبحة والعياذ بالله، والتي ندرك تماماً أنها سبب كل بلاء ومنبع وباء ودرب شقاء في الدارين، حيث من المعلوم أن السياحة تختلف وتتنوّع من شخص لآخر والغرض الذي جاء سائحاً لأجله، وما مسلسل المشاهد المقزّزة (أعزكم الله)من جاليات سياحية لجنسية معينة تحديداً والتي تُشاهد وعلى الملأ من حين لآخر في مواقع محددة من السلطنة، إلا دليلاً على رداءة هذا النوع من السياحة المغرضة وأن جواز منعه من قبل الجهات المختصة أضحى أمراً لا بد من فرضه، لما بيّتته وتبيّته هذه الفئة من نيّات لأجل اقتناص سانحة التواجد في البلاد بالوصول للغرض الذي حضروا لنيله بغية خروجها بأقصى حفنة من الريالات تحت غلاف السياحة، فرغم الدور الكبير الذي تقوم به شرطة عمان السلطانية والجهات القضائية بالتصدي لهذه المجموعات واتخاذ الإجراءات القانونية بحقها، إلا أن الوقاية هي دوماً خير العلاجات وأن التشخيص المبكر الصحيح لأية علّة هي مانع حصين للإنتشار والتفشي.
حيث أننا ندرك تمام الإدراك والعلم بأن هناك فئات من شرائح المجتمع منهم أصحاب نزوات ومنهم شبابٌ نَزِق ينجذبون إلى مثل هذه النوعية من مقتنصي الفرص أمثال هؤلاء بما يمكن أن نطلق عليهم أصحاب(سياحة البخشة) نظراً لتغليف غرضهم المرفوض بغلاف السياحة، وهذا كما يعلم الجميع أنه فسق وفجور وهو شر كل بلاء والعياذ بالله، إضافة إلى ما قد تُوَرّثه تلكم اللقاءات من أسقام قد تعجز عنها العلاجات والأمصال- لا أذن الله بذلك ولا قدّر-، ليكون الفرد بعد ذلك في الكفة الراجحة من العبء على الدولة والمجتمع وما يلي ذلك من تعطيل الكفاءات الوطنية وقتل قدراتها وهي في أوج نضوجها وعطائها المنتظر لتخدم وطنها وتفيد مجتمعها وأسرتها، أضف إلى ذلك نظرة المجتمع السلبية للفرد كحامل مرض معدي وتجنب الاختلاط به وذلك لا ريب أن له عواقب سلبية أخرى على أمن وسلامة من حوله نتيجة التعامل السلبي من قبل المحيطين به، وقبل ذلك كله غضب من الله تعالى ورسوله المصطفى صلى الله عليه وسلّم.
إن من المطالب الأساسية والمهمة وضع الضوابط والتدابير للحد من ظهور وتفشي السياحة المغلّفة، حيث يقع عاتق تنظيم استقدام السياح إلى السلطنة على كل القطاعات المعنية العامة منها والخاصة كلاً في ما يخصه ويعنيه، فليس من عيب من أن نضع النقاط على حروفها وتسيير المياه في سواقيها بالطرق والوسائل التي ترفع عنا غضب ومقت الله تعالى علينا وأن تحفظ أمن وسلامة الوطن والمواطن والمقيم لتبقى بلدنا كما نريدها أن تكون، فللوزارة المختصة والجهات ذات العلاقة أن توزع مطويات توعوية على المنافذ المختلفة ومكاتب السفر والسياحة، والتنسيق حول ذلك بالدبلوماسية التي تراها تناسب حجم المشكلة مع السفارات والقنصليات العاملة في البلاد، للتنبيه على جالياتهم بما يجب على مواطنيهم من السياح والزوّار اتباعه ليقوا ذاتهم تبعات المخالفات التي قد يقعون فيها سواء بقصد أو عن غيره، وذلك من منطلق ما للسلطنة من حفاظ إسلامي ممتد منذ زمن أشرف خلق الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم وخصوصيات وعادات مجتمعية راسخة يجب احترامها ومراعاة مشاعر المجتمع لأجلها من منطلق هذا الواقع، والعمل في الوقت ذاته على متابعة المكاتب السياحية التي تخالف وفودها الذين استقدموهم كسياح القانون وذلك بفرض الغرامات والعقوبات اللازمة عليهم والتي من شأنها أن تكفل استتباب الأمن وعدم مخالفة الأنظمة وعادات وتقاليد المجتمع،، جنبنا الله تعالى سيئات الأفعال والأعمال المخلة منها والقبيحة وحفظنا جميعاً جل في علاه من الأسقام والأمراض، وأدام علينا نعم الأمن والأمان والصحة والسلامة..