هيكلة نظامك النفسي و إدارته
سيف بن نبهان بن حمود العبري
هيكلة نظامك النفسي و إدارته وفق نظام ضبط النفس و عدم الانجرار في العواطف، غالباً يعود عليك بالنجاة من الفشل الذريع في حياتك؛ و حتى لا تبذل قصارى جهدك في إنهاك عقلك بعيداً عن إطاره الأساسي من مشاعرك الحقيقية حاول أن تكون متريثاً بالقرارات قدر الإمكان و أن لا تشحن نفسك مسبقاً في أي قرار .
و عندما تكون علاقاتك و تعاملاتك مبنية على صدق النية مع نفسك و غيرك فمن الطبيعي أن تصل لنتائج ترضيك و تجعلك مستقراً ذهنياً ، و لا يجب أن تكون لديك ثقوب سوداوية تجاه الآخرين؛
فإن خذلت أو كسرت في مسار حياتك، فلا تجعل من الظن أسلوب حياة يهدد من استقرار تعاملاتك مع الناس، لأنها سوف تتشكل لك رؤية مغالطة لذاتك و قناعاتك عن الحياة و حتى عن أصدقائك المقربين، سوف تلازمك قناعات مبنية على السلبيات بكل علاقاتك و سوء الظنون في الناس بمقاييس خاطئة صنعتها بنفسك ، و سوف تجلد حظك و ذاتك مراراً وتكراراً ، و المحصلة النهائية التي ستجنيها أثراً نفسيًا يعود عليك بإنهاك عقلك بليل طويل من الأرق و فقد الشهية و حياة فاشلة في العلاقات بمحيطك ومحبيك و مع الناس .
فلسفة الحياة تتطلب منا ممارسة العقلانية و ترتيب أفكارنا حسب المعطيات التي أمامنا و لا نعطي حلول تحت وطأة و رحمة (عصابة إن و أخواتها) و ( لعل أو ليت ) لأن كل النتائج سوف تصبح عكسية لا ترضيك بل ستمرضك و تفقدك توازنك و انضباطك الذي كنت عليه أو تحسبه كذلك.
إن الحياة جميلة بمعناها الحقيقي ( كحياة) نعيشها وفق اللذة و المتعة التي ينبغي أن نعيشها كل يوم بحلوها و مرها بعلاقاتنا مع الناس و الأهل و الأقرباء و الأصدقاء ، دون الانجراف والانجرار في التفكير المفرط و المرهق في الغد الآتي، فكل يوم نعيشه فيه أحداث متجددة .
و لأن الله سبحانه وتعالى هو مدبر الأقدار بحكمته، و علينا كمؤمنين أن نؤمن بالقدر خيره وشره مع السعي منا لتصحيح الاتزان المفقود لأنفسنا، فلنعلم أنه لا حياة كاملة لأي إنسان، فكل إنسان لديه نقص في جانب معين من حياته.
و البدء بصفحة جديدة في صباحك و يومك، و بنفس راضية مسامحة و خجولة بالوقت نفسه من عطف الله لك، و رحمته بأنه أنار يومك لحياة جديدة، هو شعور لذيذ، يجعل من ممارستك لأعمالك و السعي نحو متطلبات التنمية الذاتية التي تسعى لها و تسعدك، ومن الممكن أن يكون سبباً لتخطي أفكاراً سلبية عالقة بذهنك تسبب لك الفشل و تشل قدرتك على الحركة، فبمجرد تنظيفها تتخطى كل العقبات.
و خير ختام لمقالي هو وصف الإمام الشافعي -رحمه الله- للحياة، و ما ذكره من النصائح عن كيفية الاستمتاع بالحياة والتمتّع بها حيث قال:
دَع الأيـام تفعـل ما تـشـاء
وطِبْ نفساً إذا حكم القضـاءُ
ولا تجزع لحادثـة اللّيالـي
فمـا لحــوادث الدّنيـا بقـــاء
وكُن رجلاً على الأهوال جَلْداً
وشيمتك السّماحـة والوفـاء
وإن كثُرت عيوبك في البرايا
وسـَـرَّك أن يكون لها غطـاء
تستّر بالسّخـاء فكـل عيـب
يغطّيـه كمـا قيـل السّخـاء
ولا تُرِ للأعـادي قـطُّ ذُلّاً
فـإنّ شماتـة الأعــداءِ داء
ولا ترجُ السّماحة من بخيـل
فما في النار للظمـآن مـاء
ورزقك ليس ينقصه التّأنـي
وليس يزيد في الرزق العناء
ولاحـزنٌ يـــدوم ولاسرورٌ
ولا بــؤس عليـك ولا رخــاء
إذا ما كنت ذا قلـبٍ قنـوعٍ
فأنت ومالِـــك الدّنيـا ســواء
ومن نزلت بساحتـه المنايا
فـلا أرضٌ تَقيـه ولا سمـاء
وأرض الله واسعـة ولكـن
إذا نزل القضا ضاق الفضاء
دع الأيام تغـدر كـل حيـن
فما يغني عن الموت الـدّواء.