إلى صباح مع التحية
أحمد السليماني
(كتبتُ هذا المقال بمناسبة تقاعد الزميل صباح الميمني بعدما أكمل 38 عامًا).
كان آخر يوم في عملهِ الخميس 31/12/2020، إذ رحل إلى عالم التقاعد، مشاعر مختلفة وأحاسيس فياضة في يوم مختلف ليس كأي يوم، حيث وداع الزملاء والأحبة والأصدقاء، وداع كل شيء في العمل.
مشاعر الوداع جياشة تنتاب كل شخص وهو يغادر بيته الثاني (مكان عمله) إلى عالم التقاعد، مشاعر وأحاسيس لا يشعر بها إلا من يجربها ويمر بها.. حيث تتغلف تلك المشاعر والأحاسيس بالألم والفراق والوداع.
نعم ما أصعب لحظات الوداع، ونحن نفارق الأحبة والعشرة والأخوة طيلة سنوات من الكفاح والعمل واللقاء.. شعور صعب عندما يفارق الإنسان من زاملهم وتجبره الظروف على الرحيل عنهم، بالتأكيد هناك كومة من الألم بداخلنا مقرونة بأمل اللقاء مرة أخرى.
كلمات بسيطة لملمت خلالها قلمي لأكتب شيئًا من بوح الذكريات في الوداع الكبير للأب والأخ والزميل والصديق صباح بن داؤود الميمني الذي ودّعنا بابتسامته المعروفة والمعهودة عنه وتواضعه الرفيع وذكرياته الجميلة..
رجل عرفه كل من التحق بالتمريض وزامله، سواء من التمريض أو أي قسم آخر بالمستشفى، أجيال تعاقبت وأيام توالت وسنون مضت.. وسيظل يذكره الجميع بأسلوبه وكاريزمته المتفردة في التعامل مع الآخرين، فجعل من روح الابتسامة عنواناً رفيعاً لا يُنسى.
الأستاذ صباح الميمني قدم الكثير خلال مسيرة عمله طوال الـ 38 عامًا، وتنقل بين المستشفيات والأقسام والدورات الداخلية والخارجية، وهنا لا يسعني المجال لذكر كل شيء، لكن سأسرد جزءًا منها في عجالة، وبالتأكيد هناك تفاصيل كثيرة من الكفاح طوال مسيرة عمله.
بدأ دراسة التمريض في عام 1979 في مدرسة الرحمة للتمريض وبالتحديد في سوق مطرح، وفي عام 1982 التحق بالعمل في قسم التمريض بمستشفى الرحمة (المستشفى المختص بعلاج الأمراض النفسية والعقلية آنذاك) وكان مقره في ولاية مطرح، بعد ذلك التحق بفترة تدريب في مستشفى خولة استمرت ستة أشهر، وكذلك في مستشفى النهضة بالمدة نفسها، وفي عام 1984 افتتح مستشفى ابن سيناء، وانتقل إليه جميع كوادر وموظفي مستشفى الرحمة ليكون المستشفى المرجعي الوحيد في السلطنة لعلاج الأمراض النفسية والعقلية، وكان مقره في ولاية العامرات، اختلفت الوجهة، لكن المقصد كان واحدًا، والهمم عالية نحو الإنجاز والتفاني والإخلاص في العمل.
حظي الأستاذ صباح بفرصة من التدريب والتعليم؛ حيث اُبتعِث لعام واحد للدراسة واكتساب مهارات العمل عن الأمراض النفسية في لندن (84-1985)م ، كذلك في (90-1991)م سافر إلى اسكتلندا ودرس عن العلاج المهني في الأمراض النفسية.
عمل الأستاذ صباح بمعية زملائه طوال تلك السنين مجتهدين ومثابرين لتقديم أفضل ما لديهم في خدمة وطنهم داخل أروقة ابن سيناء حاملين معهم الذكريات والمواقف الجميلة التي لا تُنسى من الذاكرة، وبعد ما يقارب الـ 31 عامًا في ابن سيناء أذِن الرحيل مرة أخرى للانتقال في عام 2013م، وهذه المرة إلى صرح مستشفى المسرة حيث المحطة الأخيرة.
تشرّفت بالعمل بجوار الأستاذ صباح في الفترة الأخيرة، والتمست منه روح الشباب التواق للعمل والمثابرة، وكأن العمر لديه رقم، ولسان حاله يقول: لا أريد أن أذهب عنكم دعوني أُكمل فالعمل ماتع.
وفي الأخير لا بد من نهاية، وهذه سنة الحياة، فالوداع صعب، لكن لا نملك إلا الدعاء، فشكرًا من القلب مع تمنياتنا الحارة بالتوفيق الدائم .. مع التحية.