الواجب وإن خانتك الظروف
مياء الصوافية
يسند الواجب إلى عاتقك فلا بد أن تشمّر له ساعد الجد، وأن تبذل له ما يربو من الهمم، وأن تحمل له نفسك في كل ما هو وارد عليه وصادر منه .
وعليك أن تنهض له نهضة الحامي عن أرضه وعرضه، وتصوب نظرك إلى محتواه وتوسع دائرة تركيزك في فحواه، وإياك أن يغيب ضميرك عن هذا الواجب، بل اجعله طهارة وتنزيهاً له حتى تصل بغايته إلى شرف رضا الله، وإلى أمانة حفظ حقوق الخلق.
انهض لهذا الواجب نهضة المستجار به في الصريخ، سواءً أكان تجاه من ربطتك بهم صلة الرحم أو إنسان ألقاه الله في طريقك لتقيل عثرته، أو لتعاضده في نوائبه، أو حتى عمل مسند إليك وغداً منوطاً بعاتقك به، تخدم وطناً تتنسم طيب هوائه وتربطك به جذور أجداد صاغوا مجد حضارته.
ولا يغيب عن فكرك بأنَّ من أخلص النية لله في عمله سيكسب المحامد في دنياه وآخرته، ويرفع الله صوته ويبارك له في رزقه، وتتحقق له الكرامات، ويرتفع عن أحوال الدناءات والخساسات.
واعلم أنَّ من الحرمان يولد الواجب، فلولا المرض والعوز ما ولدت الرحمة، وبأن الضمير هو المحرك الأساسي للواجب، فلولا الضمير لما أقدمت على القيام بواجبك ولعدلت عنه إلى دواع الكسل وأسباب الملاينات؛ فتقع في أوحال مهاوٍ تنزلق بك إلى هضم حقوق ومحاسبة قانون، سواء أكان قانون العدالة الإلهية أم القانون الوضعي الدنيوي.
وهناك مثل ياباني يقول:” الواجب أخف من ريشة وأثقل من جبل”، ونتعلم من هذا المثل أن الواجب قد يكون أمراً يسيراً يسهل عليك القيام به ويغدو مع مرور الوقت شيئا مهماً في حياتك، ترتبط به بعلاقة وثيقة لا تأل جهداً في إتمامه، وربما تحرك جيشاً من أجله إن أحسست ببوادر انتهاكه، ولكنه في المقابل هو ثقيل الحمل فأنت محاسب عليه وإهماله والركون عنه سيؤدي بك إلى انحراف جوانب حياتك عن السبل الصحيحة.
وإتمام الواجب بالشكل الصائب والصحيح يقودك إلى راحة بالٍ وصفاء نفس كما قال الشاعر القروي:
تذوقت أنواع الشراب فلم يسغ
بحلقي أشهى من حلال المكاسب
ونمت على ريش النعام فلم أجد
فراشا وثيرا مثل إتمام واجبي