حكايات مدفونة من قصة “حبة العنب” الجزء الثاني
بدرية بنت حمد السيابية
حملت غيثاء ابنتها الصغيرة ويدها ترتجف بعد ما شاهدت ابنتها وهي بحجم “حبة العنب” بكت بكاء شديد وقالت :سامحيني يا ابنتي فقد تمنيت وأعطاني الله على ما تمنيت، كنت متلهفة على أن يكون في أحضاني طفلاً صغيراً يسعد ناظري ويفرح قلبي وأن أفتخر به بين الناس ويلعب مع الأولاد بروحه الطيبة وبراءة وجهه الجميل ولكن حدث ما لم أتوقعه سامحيني يا ابنتي سامحيني يا ابنتي.
مرت السنوات وكبرت “حبة العنب” وأصبحت فتاة جميلة ولكن لم يكبر حجمها بل كبرت بعقلها ونعومة صوتها ولكنها ظلت كما هي بحجمها الصغير، كانت تساعد أمها في الأعمال المنزلية البسيطة لتشعر وكأنها فتاة عادية تعيش الحياة لحظة بلحظة وبعد فترة قصيرة أصيبت الأم “غيثاء” بمرض عجز الأطباء عن علاجها وفي يوم من الأيام أتعب المرض جسدها وأصبحت طريحة الفراش وقالت الأم لابنتها : سأخبرك عن أمرٍ ما لا تعلمي عنه ففي الحقيقة لديك عم يدعى “طارق” ولديه زوجة وابن يدعى “علي” وعندما سمعت عن حمل زوجة عمك أحسست بالغيرة والحقد وتمنيت بأن أرزق بطفل بحجم حبة العنب فقد تحققت أمنيتي ويا ليتني لم أنطق بذاك الكلام وتكوني أنتي الآن بهذا الحجم يا فلذة كبدي.
سامحيني يا حبة العنب! فقالت حبة العنب والدموع على خديها: لا بأس يا أمي فأنتِ كنتِ متشوقة لأن يكون لديكِ طفلاً صغيراً تحملينه إلى صدركِ ليطمئن وليشعر بالحب والحنان بقربكِ، وكل ذلك بإرادة الله عز وجل _ سألت حبة العنب أمها: والآن يا أمي، أين عمي وزوجته وابنه، ردت قائلة أمها: لا أعلم يا ابنتي كانوا يسكنون في قصر كبير بعيدا عنا،،، وبينما تكمل حديثها لاحظت حبة العنب على أمها التعب وضيق النفس أصبحت نبضات قلبها تتسارع إلى أن لفظت آخر أنفاسها لتصعد روحها للخالق، بكت حبة العنب بكاء مريراً وحزنت حزناً شديداً لوفاة أمها_ رحلت الأم وظلت حبة العنب وحيدة في المنزل تخدم نفسها بنفسها.
مرت الأيام والسنوات وفي يوم ما طرق باب بيت “حبة العنب” فاستغربت حبة العنب وقالت في نفسها: من الطارق في هذا الوقت الباكر؟ أسرعت للباب وقالت: من هناك؟
فإذا بصوت رجل يقول : أنا أحد خدم السيد “علي” وأقدم لكِ بطاقة دعوة زفاف! فقالت حبة العنب: أي بطاقة زفاف هذه
قال الرجل: دعوة زفاف السيد “علي” سيتزوج بعد أسبوع فقالت حبة العنب: هل تقدم لي خدمة وتقرأ لي ما مكتوب في البطاقة
فقال الرجل: نعم بكل سرور فقرأ الرجل ما كتب في البطاقة إلى أن نطق اسم “علي” مع اسم والده “طارق”
فقالت حبة العنب في نفسها: أليس هذا ابن عمي طارق ولكن للأسف هو لا يعلم عن وجودي ماذا سأفعل كيف سأتواصل معه وأخبره عن مكاني وحلمي أن ألتقي بأحد أقاربي! وفي لحظة خطرت في بال “حبة العنب” فكرة وهي بأن تقول للرجل المرسول بأن يزورها سيده “علي” وأخبرت الرجل بذلك، ولكن الرجل رفض طلبها وقال: ومن تكوني أنتِ حتى تطلبي ذلك؟!
فقالت: أنا فتاة لا حول لها ولا قوة أعيش في هذا البيت منذ سنوات وأمي اسمها “غيثاء” _بعدها بكت حبة العنب فقال الرجل: لماذا تبكين؟! فقالت: لا أستطيع الخروج من هذا المكان حتى لا يضحكون عليَّ الناس من شكلي ويخيفهم منظري!!!.
استغرب الرجل من حديثها وردد بعض الكلمات بصوت خفي وقال: شكلها ومنظرها! ماذا تقصد يا ترى؟! بعد لحظات خرجت “حبة العنب ” من الباب ليراها الرجل وقالت للرجل :هذا هو شكلي ومنظري حجمي صغير يشبه حبة العنب _استغرب الرجل من مصدر الصوت والتفت يمينا ويسارا لم يرَ شيئا فقالت له: انظر تحت_ شاهد الرجل “حبة العنب” وكأنه رأى شبحاً يخرج من مكان مظلماً وقال: سبحان الله الخالق ما الذي تراه عيناي هل أنا أحلم؟!.
انتظروني في الجزء الثالث والأخير من قصة “حبة العنب”
ملاحظة /أسماء شخصيات القصة من نسج الخيال.