فرق العمل الافتراضية في الشركات المحلية والدولية
صالح بن محمد خير الكعود
باحث وطالب دكتوراه في تنمية الموارد البشرية – الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا
ظهر مفهوم العمل الافتراضي Virtual work بداية في الشركات المتعددة الجنسيات multinational enterprises حيث تدير هذه الشركات أعمالها عبر الحدود لتشمل جميع فروعها الدولية، بيئة عمل هذه الشركات تحتاج إلى استخدام أساليب عمل أكثر ابتكاراً ومرونة نظراً للتباعد الجغرافي، والتنوع الثقافي وأختلاف اللغات وغيره من العوامل الكثيرة، التي تدفع الشركات الدولية (IB) إلى اعتماد أنظمة مختلفة في الإدارة والعمل. فرق العمل الافتراضية هي أحد ممارسات الشركات التي تعتمد التكنولوجيا العالية والمتقدمة للقيادة والإدارة والتدريب والتطوير وغيره من ممارسات الشركات الدولية.
فريق العمل الافتراضي أصبح الآن العامل الأساسي لنجاح المنظمات والشركات لأداء أعمالها عبر الإنترنت؛ نظراً لما تملكه من ميزات متنوعة مثل المرونة التي تساعد فرق العمل الافتراضي، من توزيع المهام لتقديم الخدمات على مدار 24 ساعة و7 أيام في الأسبوع، مما يساهم بشكل مباشر في زيادة كفاءة المنظمات، ومنها خفض التكاليف المرتبطة بالسفر والتنقلات والنفقات الثابتة والدورية باعتبار أن معظم فرق العمل تؤدي مهامها من المنزل ولا حاجة بعد الآن للنفقات المرتبطة بمكان العمل مثل الإيجارات وفواتير الهاتف والكهرباء والماء وغيرها. ومن الميزات أيضاً حفظ الوقت المهدور في تنقل الموظفين وسفرهم. ومنها إمكانية تشكيل الفرق الافتراضية من أفضل الكوادر المؤهلة في العالم ؛ نظراً لعدم الحاجة بعد الآن لاستقدامهم إلى مكان العمل. ومن جهة أخرى هناك تحديات كبيرة تواجه فرق العمل الافتراضية لأداء أعمالها، ومن هذه الصعوبات أختلاف اللغات والخلفيات الثقافية لأعضاء الفريق الافتراضي، ومنها صعوبة التقاء أعضاء الفريق الافتراضي آنياً على الإنترنت؛ نظراً لإختلاف المناطق الزمنية ، باختلاف الدول التي ينتمي إليها أعضاء الفريق الافتراضي.
الجديد في هذا المجال أن مفهوم العمل الافتراضي انتقل بقوة وبسرعة كبيره، من الشركات متعددة الجنسيات إلى الشركات المحلية بعد ظهور وباء COVID_19. في دراسة حديثة لمجموعة من الباحثين، أظهرت أن 88 % من المديرين التنفيذيين طلبوا من موظفيهم العمل من المنزل، هذا التحول الكبير نقل مفهوم العمل الإفتراضي إلى جميع أنواع الشركات والمنظمات باختلاف حجمها الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، وفي مختلف القطاعات سواء التعليمية، الخدمية، المالية أو التجارية، وعلى المستويين المحلي والدولي. هذا التحول الكبير والصادم طرح معه أسئلة كبيرة ومعقدة يمكن أن ندرجها في ثلاثة اسئلة رئيسية، وهي: من أي مكان سوف يعمل الفريق الافتراضي، من المنزل أم من مكان العمل؟ في أي وقت سوف يعمل هذه الفريق، هل ضمن أوقات العمل الرسمي كالمعتاد أم سوف يكون مرناً ليمتد على مدى 24 ساعة؟ وكيف سوف يعمل هذا الفريق، هل سيتبع أساليب العمل التقليدية أم سوف تكون هناك أساليب مبتكرة وجديدة؟ أسئلة كبيرة تحتاج من الباحثين تكثيف الدراسات لرصد هذه التغيرات السريعة في بيئة الأعمال. قسم الموارد البشرية هو من أكثر الأقسام المعنية بهذه التطورات الطارئة. كشفت الدراسة السابقة أن مانسبته 22% فقط من الموظفين، كانوا قادرين على التعامل مع التغيرات الجديدة، لا سيما التعامل مع التكنولوجيا التي تعتبر العامل الحاسم والأساسي، في بيئة الأعمال الافتراضية.
على الباحثين في قسم الموارد البشرية حث الخطى لمواكبة هذه التطورات الجديدة؛ لضمان استمرار الشركات في البقاء والمنافسة. تدريب الموظفين على استخدام التكنولوجيا وعلى ممارسة نشاطات الشركات مثل إدارة الفريق الافتراضي، رفع كفاءة وأداء الفريق الافتراضي، تقديم الخدمات، التسويق، البيع والشراء في الفضاء الافتراضي، كلها مجالات تحتاج إلى البحث والدراسة .