الدكتور: سعيد بن راشد بن سعيد الراشدي 9 /12 /2020م
الحمد الله والصلاة والسلام على خاتم النبيين والمرسلين الهادي الأمين محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم وبعد:
ها نحنُ نعود لِنعرجَ على مبدأ آخر من المبادئ الإدارية الهامة والتي قامت عليها الإدارة من منظور إسلامي، وأتطرق في مقالي هذا بعونٍ من الله سبحانه وتعالى إلى مبدأ الشورى من خلال ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة من تعاليم وتوجيهات ربانية ومواقف نبوية شريفة، التي نعتبرها الركائز المتينة والقوية للإدارة الحديثة في عصرنا هذا؛ لما لذلك من جوانب إيجابية كثيرة في مختلف جوانب الحياة. وديننا الإسلامي الحنيف إنما هو دين القيم والمُثل العليا في مختلف جوانب حياة البشر.
ولقد جاء في القرآن الكريم ما يبين ويوضح أهمية مشاورة الآخرين في اتخاذ القرارات حيث يقول تعالى جل في عُلاه:
” فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ” الآية ” 159 ” سورة آل عمران.
وقال تعالى: ” وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ “. الآية “38” سورة الشورى.
كذلك يطيب لنا أن نذكر هنا بعضاً من وقائع تطبيق هذا المبدأ الإداري في السيرة النبوية العطرة على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم عندما شاور صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم يوم بدر في الذهاب إلى العير فقالوا: يا رسول الله لو استعرضت بنا عرض البحر لقطعناه معك، ولو سرت بنا إلى بِرك الغماد لسرنا معك، كذلك مشورته صلى الله عليه وسلم لهم أين يكون المنزلَ حتى أشارَ المنذر بن عمرو بالتقدمِ الى إمام القوم.
كذلك شاور الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه في أُحد في إن يقُعدَ في المدينةِ أو يخرج لملاقاةِ العدو فأشاروا عليه بالخروج للعدو فخرج صلى الله عليه وسلم إليهم. وهناك الكثير من الآيات الكريمة والمواقف النبوية الشريفة التي تبين أهمية تطبيق مبدأ الشورى؛ لما لذلك من جوانب إيجابية كثيرة، لذا يتوجب على الإدارات المعاصرة أن تبني هذا المبدأ في مؤسساتها. وأن تحرص كل الحرص على الآتي:
• الاهتمام ودراسة الآراء المطروحة من قبل العاملين بالمؤسسة دراسة دقيقة متأنية وعدم الاستهانة بها، وتشجيع المبادرين عليها.
• الحرص على إشراك جميع العاملين بالمؤسسة في عملية اتخاذ القرار من خلال تطبيق مبدأ الشورى والأخذ بالآراء المناسبة المطروحة.
• أهمية تعامل القادة مع العاملين معهم بالمؤسسة بالروح الإنسانية التي تولد لديهم السعادة والرضا.
• أهمية بث وغرس القيم الحميدة في نفوس العاملين بالمؤسسة، والعمل ضمن الفريق الواحد.
هنا يتضح لنا جلياً أهمية العمل بمبدأ الشورى في أي مؤسسة؛ للوصول لمناخ تنظيمي صحي بين جميع العاملين، وللارتقاء بالعمل لأفضل مستوياته، والوصول للأهداف المبتغاة.
ولنا متابعة لاحقة بإذن الله لمبدأ آخر من مبادئ الإدارة من منظور إسلامي، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
