التحولات في سوق العمل العالمي في ظلّ أزمة كوفيد-19
صالح بن محمد خير الكعود
في تقريرٍ مثيرٍ لمنظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة كشف أن عدد الوظائف الضائعة بسبب كورونا في الربع الثاني من عام 2020 تقارب 200 مليون وظيفة بدوام كامل.
كما أدّت السياسات الجديدة خلال فترة الوباء مثل التباعد الإجتماعي وإغلاق الأسواق في كثيرٍ من الدول إلى أن الكثير من الشركات تحولت إلى الفضاء الالكتروني، ونتج عن ذلك اختفاء الكثير من الوظائف وظهور وظائف جديدة بمتطلباتٍ جديدة، نتيجة التغير السريع في بيئة العمل. وحسب تقرير المنظمة فإن 2.7 مليون عامل في العالم سوف يتأثر بهذا الوباء، أي بمعدل 4 من كل 5 عمال سوف يكونون عرضةً للتأثير بفقدان عملهم جزئياً أو كلياً.
وقال غاي رايدر، مدير عام منظمة العمل الدولية، في تصريحات من جنيف:
“إنه في بداية العام وقبل أن يتفشّى كـوفيد-19 في العالم، 190 مليون شخص التحقوا بصفوف البطالة، وأضاف: أنه مع الصدمة التي أحدثها الفيروس، فمن الواضح للعيان أن عالَم التوظيف يعاني من تهاوٍ غير عادي على الإطلاق” بسبب تأثير الجائحة والتدابير المتخذة للتعامل معها.
وقد كشف التقرير أن القطاعات الأشدّ تأثراً كانت في أربعة قطاعات هي الأكثر تأثراً بسبب المرض وتراجُع الإنتاج: قطاع الغذاء والفنادق (144 مليون عامل)، قطاع البيع بالجملة والتجزئة (582 مليوناً)، قطاع خدمات الأعمال والإدارة (157 مليوناً)، وقطاع التصنيع (463 مليوناً). ويشير مدير منظمة العمل إلى أن جميع هذه القطاعات تشكل ما نسبته 37.5% من التوظيف العالمي، ويشعر العاملون في هذه القطاعات أكثر من غيرهم الآن بحدّة تأثير الجائحة عليهم.
بالمقابل أحدث التغيير الكبير في بيئة الأعمال إلى استحداث وظائف جديدة، وزيادة الطلب على أخرى، فوفقاً لقواعد بيانات شركة «لينكد إن» المتخصصة بالوظائف فإن الأزمة الاقتصادية في مطلع عام 2020 أجبرت الشركات على تسريح العمالة وإبطاء التوظيف في معظم المجالات، وإن التنافسية بين الشركات تضاعفت ثلاث مرات مقارنةً بنفس الفترة في العام الماضي.
من خلال تحليل بيانات إعلانات الوظائف على موقع «لينكد إن» تبين أن هناك وظائف معينة كان لها طلباً أكثر من غيرها، وأن أصحاب هذه المهن لهم الفرصة الأكبر من التوظيف، علاوةً على ذلك فإن العائد من هذه الوظائف يتماشى مع أجر المعيشة أو أعلى منه.
والمثير في الأمر أن هذه الوظائف لا تطلب شهادات جامعية، ويمكن للأشخاض غير الجامعيين التدرب عليها وإتقانها، حيث صرّح “جوش جراف” مدير ” LinkedIn” بالمملكة المتحدة بالقول:
“أعتقد أن ميزة تلك الوظائف أنها لا تحتاج بالضرورة للحصول على شهادة تعليمية، فيمكن للأشخاص تطوير المهارات اللازمة عبر الإنترنت”.
وبناءً على تحليل البيانات على الشبكة الإجتماعية المهنية LinkedIn أفصحت الشبكة عن قائمة الوظائف الأكثر طلباً في عام 2020 من طرف الشركات، وقد أخذت الوظائف في المجال التقني الحظ الأوفر من القائمة، كما أوضح تقرير الشركة زيادةً حادّة في عدد الأشخاص العاملين في مجال حماية البيانات.
وهذه الوظائف على الترتيب:
مطور البرامج، مندوب مبيعات، مدير مشروع، مسؤول تكنولوجيا معلومات، اختصاصي خدمة عملاء، مسوّق رقمي، دعم فني، محلل بيانات، محلل مالي، مصمم غرافيك.
هذه التحولات الكبيرة في سوق العمل وبيئته واحتياجاته تفرض على طالبي الوظيفة التحرك سريعاً لإعادة تأهيل انفسهم على ضوء المعطيات الجديدة، لا سيما في المجال التقني بعد تحوّل جميع المنظمات والشركات في كلٍّ من القطاع العام والخاص والمشترك إلى الفضاء الالكتروني.