كلمة في يوم عمان الماجد
يعقوب بن محمد الرحبي
هناك أيام وليالٍ تغمرنا فيها شجون الماضي، وتحرك مفاتنها خلاخل مشاعرنا الرقيقة، وتنداح رؤى الحاضر كي تعانق أحداث الماضي، الذي يسربل دائمًا في داخلنا بأحداث وذكريات منقوشة في الذاكرة الجميلة، وهنا تنبثق خواطر اللحظة بعمق الحنين الذي يحمل في طياته وعد وحنين إلى آفاق من الذكريات المعطرة بصدى من عبق المكان والزمان، بأحداث تركت أثر عطرها صندلًا تفوح منه تلك الرائحة التي تنعش النفس، فإن كانت الزهور قد جفت وضاع عبيرها، فلا ننسى إنها منحتنا عطرًا جميلًا أسعدنا، يوم الثامن عشر من نوفمبر يمثل رمزًا وطنيًا كبيرًا في سجل التاريخ العماني الحافل بالأمجاد. اعتادت عمان في مثل هذا اليوم أن تحتفل من أقصاها إلى أقصاها، لتعرض إنجازاتها التي أحدثت نقلة نوعية في النهوض بعمان دولة وشعب، إلى معارج التطور والازدهار والنماء على الأصعدة كافة وفي جميع المجالات، وغرست معنى الولاء والانتماء لهذا الوطن الغالي وقائده، ذكرى هذه المناسبة المجيدة التى انطلقت في عام 1970 محفورة في ذاكرة و وجدان أبناء عمان الأوفياء، الذين يستمدون منها القوة والعزيمة للسير على طريق التقدم والازدهار وتحقيق الطموحات، ويستلهمون منها القيم والمبادىء التي أرسى دعائمها جلالة السلطان الراحل -طيب الله ثراه-.
إن مسيرة النهضة العمانية الحديثة ظلت نبراسًا يضيء طريق المستقبل وضربت أروع الأمثلة في الملحمة الوطنية التي جسدت أبهى صور الحب والوفاء بين القائد وأبناء شعبه ممزوجة بروح الصبر، والصدق، والوفاء، لبناء هذا البلد الذي يسمو بإنجازات ملموسة على مختلف الأصعدة ويمهد الطريق لمستقبل أكثر إشراقًا، وها نحن اليوم نستمد من عبق الماضي لنشهد تحولًا كبيرًا في مختلف المجالات، وعلى كل الأصعدة في خضم هذه التحديات الصعبة التي تمر بها عمان اليوم خاصة الاقتصادية؛ من خلال تهيئة الظروف كافة والسبل الملائمة لجذب مزيدًا من الاستثمارات الخارجية في مختلف المجالات الصناعية والسياحية وفق أسس تتوافق مع هوية عمان وأصالة شعبها، عمان اليوم ترسم خارطة المستقبل بثوب جديد وحلة جديدة لتحافظ على مكانتها التاريخية بين الأمم والشعوب، وترتقي إلى مصاف الدول المتقدمة، من خلال ما أكد عليه جلالة السلطان هيثم حفظه الله وكلل جهوده بالنجاح، على المضي قدمًا في مسيرة الإصلاح الاقتصادي واستقرار الاستدامة المالية للدولة وجعل تحقيق التوازن المالي في أعلى سلم لتبقى عمان راية خفاقة ترفرف في الأفق، وتمخر عباب البحار لتصل حاضرها التليد بماضيها المجيد، ولم يكن من المواطن العماني الذي تعود على العزيمة والإصرار، إلا أن ينسجم ويتأقلم مع هذه المنظومة التي ستفتح آفاقًا جديدة نحو مستقبل أفضل لعمان خلال السنوات المقبلة.