حملة نصرة الرسولمقالات صحفية

الرسول محمد ﷺ نموذج قيادي على مر التاريخ

د. مسلم بن سالم بن محمد الحراصي
باحث في الموارد البشرية والقضايا التربوية

القيادة الفاعلة عملية يتقنها الأشخاص الذين يتسمون بمجموعة من الصفات القيادية ، ويمتلكون عدة مهارات مهمة تؤهلهم لتنفيذ المهام وقيادة الآخرين والتأثير عليهم وتقويمهم وتطوير سلوكهم نحو الأفضل، كذلك تنمية روح المسؤولية بين أعضاء الفريق وتوجيهها نحو تحقيق الأهداف المشتركة، وظهرت كثيراً من القيادات المهمة والتي خلدها التاريخ؛ نتيجة لما قدموه للأمة البشرية والطريقة القيادية التي مارسوها باستراتيجيات حققت التغيير والارتقاء بالأمم، ومن أبرز تلك القيادات على مر التاريخ الرسول محمد ﷺ، لقد كان قدوة وشخصية عظيمة ساهمت بشكل كبير في تغيير العالم أجمع وكونت الدولة المحمدية الإسلامية التي انتشرت في ربوع الأرض؛ نتيجة لما تتصف به من ممارسات واقعية وأخلاقية صادقة تضمن حقوق الناس، والعدالة بينهم، وسبل التعايش الكريم، ونظمت لهم شؤون حياتهم في كافة الجوانب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والمجالات الأخرى حتى الدقيقة منها، إن الرسول محمد ﷺ قدوة يحتذى بها وقيادة صنعت التاريخ لذا فهي باقية متجددة إلى يومنا هذا وسوف تظل كذلك، ولقد اتصف الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام بكثير من الصفات الحميدة التي جعلت منه القائد الكفء وبها غير مسيرة التاريخ ونذكر منها.

أولاً: العفو والتسامح، لقد كان عليه الصلاة والسلام طيب القلب عظيم في التعامل متسامح بين الناس، كثير العفو والصفح ولا يحمل في قلبه مثقال ذرة على أحد من الناس، وأكبر مثالا في ذلك تسامح وعفو الرسول عن أهل مكة عند فتحها ، رغم أنهم آذوه وقاتلوه وأخرجوه من بلده الذي هو أحب أرض الله حينما خرج إليهم ونادى عليهم: يا أهلَ مكَّةَ ما ترونَ أنِّي فاعلٌ بكمْ؟ قالوا: خيراً يا رسول الله، أخٌ كريم وابن أخٍ كريم، قال: اذهبُوا فأنْتُم الطُلَقَاءُ.

ثانياً: تقريب القلوب وإزالة الشحناء بين الناس، أي صفة أعظم من الصلح بين الناس وتأليف القلوب بكل رحابة صدر ومحبة لا يبتغي منها إلا رضى الله عز وجل، وأول ما قام به عليه الصلاة والسلام عند الهجرة المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار وجعلهم أسرة واحدة تحت قيادته الحكيمة، كذلك كان يستميل الناس الذين دخلوا الإسلام حديثاً ببعض الغنائم والأموال حتى يحبب الإسلام في قلوبهم ويثبتهم على الدين الإسلامي.

ثالثاً: الحزم في صنع القرار، لقد كانت شخصية الرسول الكريم رغم تسامحه وعفوه قوية المبدأ وصريحة في اتخاذ القرار ولا يخاف في الله لومة لائم من أجل الأمة الإسلامية ورفع راية الإسلام عالياً ومن أبرز المواقف عندما أمر بهدم مسجد الضرار الذي بناه المنافقون.

رابعاً: تطبيق مبدأ الشورى بين المسلمين آخِذاً بالآية الكريمة (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) آل عمران ( 159 ) من أجل بناء قرار صائب يتفق عليه الجميع، وتتكاتف الجهود فيه ويسعى كل مسلم إلى تحقيقه بعيداً عن الخلاف والشقاق، كذلك الاستفادة من آراء وقدرات وإمكانات المسلمين، وخير نموذج في ذلك حينما أشار عليهم سلمان الفارسي رضي الله عنه بحفر الخندق في غزوة الأحزاب وأخذ الرسول الكريم بذلك.

خامساً: سموه في الخلق، حيث قالت عنه زوجته أم المؤمنين عائشة رضي اللَّه: “كَانَ خُلُقُ نَبِيِّ اللَّه ﷺ الْقُرْآنَ” رواهُ مُسْلِم، وهل هناك أعظم من القرآن الكريم منهجاً يتصف به الإنسان، لقد كان رحيماً بين قومه ومتعاوناً، ولا يكلف الناس ما لا طاقة لهم به بل أنه يضع الشخص المناسب في المكان المناسب ويراعي احتياجاتهم، كما أنه كان صادقاً في قوله، وحكيماً في رأيه؛ حتى لا يُنفر الناس عنه، وهذا الذي ساعد كثير منهم في دخول الإسلام طوعاً وحباً وسلام.

سادساً: الفراسة في فهم الشخصيات، لقد اتصف عليه الصلاة والسلام بقدرته الفائقة في فهم الشخصيات بكل تفاصيلها وهذه صفة مهمة لا بد أن يتقنها القائد العادل المحنك حتى يستطيع وضع الناس في مواقعهم الصحيحة، ويستفيد من كل شخص حسب توجهاته وقدراته، وأكبر مثالا على ذلك حينما جاء أبا ذر إلى رسول الله يطلب الأمارة منه فرد عليه ﷺ: (يا أبا ذر، إني أراك ضعيفاً، وإني أُحب لك ما أحب لنفسي، لا تَأمَّرنّ على اثنين، ولا تَولَّينَّ مال يتيم) رواه مسلم، ومن الصفات الأخرى لرسول الله الصدق والصبر والأمانة والشجاعة والبذل والكرم وغيرها من الصفات وما هذه إلا جزء بسيط من حياة الرسول الكريم، القائد العظيم ولا يسعنا ذكر جميعها ولكن إحياؤها ذكرى جميلة، وقدوة حسنة لتلك الشخصية العظيمة، واعتزاز بها بين الشعوب.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights