كذبة حرية الأديان
عبدالله بن حمد الغافري
الحمد لله الذي جعل الدين هو الإسلام والصلاة والسلام على رسول الإسلام وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم على الإسلام إلى يوم الدين.
(ٱللَّهُ وَلِیُّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ یُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۖ وَٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ أَوۡلِیَاۤؤُهُمُ ٱلطَّـٰغُوتُ یُخۡرِجُونَهُم مِّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَـٰتِۗ أُو۟لَـٰۤئكَ أَصۡحَـٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِیهَا خَـٰلِدُونَ) [سورة البقرة 257].
تبين الآية الكريمة دين الحق بكلمة (النور) بينما ما عداه من كفر موصوف ب (الظلمات)؛ لذلك للحق والصدق وجه واحد بينما الباطل والكذب له أوجه متعددة فسبحان الله العظيم.
وقد كثر الكذب في زماننا بمسميات مختلفة كحرية الدين وحرية التعبير وحرية الرأي والحريات الشخصية و.. و.. حريات ما أنزل بها من سلطان هدفها فقط هدم النور وطمس الصدق الذي شرعه الله تعالى لعباده ورتب سعادتهم عليه وكتب نجاتهم بسببه يوم يبعثون؛ لكن المجرمين والكافرين ومن شايعهم من المنافقين أبوا إلا أن يحاولوا أن يطفئوا نور الله ولكن هيهات هيهات.
إن ما يسمى بحرية الدين في زماننا وما يروج له المستشرقون والكافرون ومن يتبعهم من الجاهلين والمرتدين من هذه الأمة ما هي إلا دعوة صريحة ووجهة مفتوحة لمحاربة الإسلام أينما حل وارتحل وفي أي وطن يقيم.
فكل المعتقدات مشرعة وكل الأفكار مسوغة إلا فكرة توحيد الله تعالى وإفراده بالربوبية وقصده بالعبودية فهذه مما تكون خارج إطار هذا التأطير المزيف! لماذا؟؟ لسبب واحد وهو أنه يتناقض مع أهوائهم، ويتخالف مع شهواتهم، ويتصادم مع جشعهم في السيطرة على العباد!!
(… وَإِنَّ كَثِیرࣰا لَّیُضِلُّونَ بِأَهۡوَاۤئهِم بِغَیۡرِ عِلۡمٍۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُعۡتَدِینَ وَذَرُوا۟ ظَـٰهِرَ ٱلۡإِثۡمِ وَبَاطِنَهُۥۤۚ إِنَّ ٱلَّذِینَ یَكۡسِبُونَ ٱلۡإِثۡمَ سَیُجۡزَوۡنَ بِمَا كَانُوا۟ یَقۡتَرِفُونَ)
[سورة الأنعام 119 – 120].
(وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحۡدَهُ ٱشۡمَأَزَّتۡ قُلُوبُ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡـَٔاخِرَةِۖ وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِینَ مِن دُونِهِۦۤ إِذَا هُمۡ یَسۡتَبۡشِرُونَ) [سورة الزمر 45].
(وَكَذَ ٰلِكَ أَنزَلۡنَاۤ إِلَیۡكَ ٱلۡكِتَـٰبَۚ فَٱلَّذِینَ ءَاتَیۡنَـٰهُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ یُؤۡمِنُونَ بِهِۦۖ وَمِنۡ هَـٰۤؤُلَاۤءِ مَن یُؤۡمِنُ بِهِۦۚ وَمَا یَجۡحَدُ بِـَٔایَـٰتِنَاۤ إِلَّا ٱلۡكَـٰفِرُونَ)
[سورة العنكبوت 47].
كل هذه الآيات الكريمة وغيرها تدل دلالة قاطعة أن منطلقات المخالفين لأوامر الله، والمحاربين لدينه منطلقات نابعة عن هوى وجحود وانتقاص لأحكام الله سبحانه وتعالى وترد ما أنزل الله وإنما يريدون شريعة تناسب أهواءهم ومخططاتهم.
أين هي حرية الدين المزعومة ؟؟ إنه مجرد كذب على الناس، وإن كانت هناك حرية دينية فلماذا يتم قهر المسلمين عن تطبيق أحكام دينهم؟ لماذا يتدخلون في شئوننا؟ لماذا لا يسمح للمسلم أن يتعصب لدينه الحق أو أن يكون مظهره إسلامياً بينما تقوم دول ومنظمات على مجرد خرافة تاريخية وأساطير مكذوبة هدفها قلب الحقائق وتزوير الشهادات وفرض الأمر الواقع على الشعوب المستضعفة.
لقد كفل الإسلام حرية الدين بالطريقة الصحيحة وعاش كل الناس في كنف الدولة الإسلامية بحرية تامة هذه الحرية مكفولة بممارسة أهل الكتاب شعائرهم في كنائسهم وأديرتهم دون التدخل في شئون المسلمين أو محاولة إثارة البلبلة فيما بينهم.
لذلك حاول بعض اليهود استغلال هذا التسامح الإسلامي بأن يظهروا إسلامهم الصبح والارتداد مساءً كي يثيروا الشكوك في نفوس المسلمين قال سبحانه:
(یَـٰۤأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ لِمَ تَلۡبِسُونَ ٱلۡحَقَّ بِٱلۡبَـٰطِلِ وَتَكۡتُمُونَ ٱلۡحَقَّ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ وَقَالَت طَّاۤئفَةࣱ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ ءَامِنُوا۟ بِٱلَّذِیۤ أُنزِلَ عَلَى ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَجۡهَ ٱلنَّهَارِ وَٱكۡفُرُوۤا۟ ءَاخِرَهُۥ لَعَلَّهُمۡ یَرۡجِعُونَ وَلَا تُؤۡمِنُوۤا۟ إِلَّا لِمَن تَبِعَ دِینَكُمۡ قُلۡ إِنَّ ٱلۡهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ أَن یُؤۡتَىٰۤ أَحَدࣱ مِّثۡلَ مَاۤ أُوتِیتُمۡ أَوۡ یُحَاۤجُّوكُمۡ عِندَ رَبِّكُمۡۗ قُلۡ إِنَّ ٱلۡفَضۡلَ بِیَدِ ٱللَّهِ یُؤۡتِیهِ مَن یَشَاۤءُۗ وَٱللَّهُ وَ ٰسِعٌ عَلِیمࣱ)
[سورة آل عمران 71 – 73].
لقد بلغ التعدي على الإسلام أوجه عندما تتزعم دولة رسميا الإساءة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم دون مراعاة لمشاعر المسلمين ومقدساتهم، محمد عليه الصلاة والسلام رسول الله إلى الناس كافة والجميع مطالب بالاستجابة لدعوته واتباع هداه قال الله تعالى:
(قُلۡ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّی رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَیۡكُمۡ جَمِیعًا ٱلَّذِی لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ یُحۡیِۦ وَیُمِیتُۖ فَـَٔامِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ٱلنَّبِیِّ ٱلۡأُمِّیِّ ٱلَّذِی یُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَكَلِمَـٰتِهِۦ وَٱتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ) [سورة الأعراف 158].
فهو رسول الله إلى جميع الخلق ولذلك جاء في الحديث الذي يرويه سيدنا أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم:
( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لاَ يَسْمَعُ بِي أحد من هذه الأمة لا يَهُودِيٌّ، وَلاَ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلاَّ كانَ مِنْ أَصْحَابِ النار).
فرسالة الإسلام ليست للمساومة ودين التوحيد ليس للمقايضة فما بال أناس لا يرعون حق الله سبحانه!؟ إن من يريد معرفة الحقيقة عليه أن يقرأ كتب الإسلام ومصادره ويتعلم تفاصيله وأحكامه، أما من يجهل تعاليم الإسلام ولا يريد تعلمه فليس له أن يتكلم باسم هذا الدين ولا أن ينتقده.
ثم هذه القوى العالمية ألا ترى ضلالات كثير من الأمم ممن يعبدون البهائم والأفلاك وممن يشركون بالله في معبودات تناقض عقل كل عاقل، أين هم عن هذا كله ولماذا لا يتكلمون بما يرضي الله سبحانه أو يبرئ ساحتهم أمام رب العالمين!.
إنني أدعو كل من يجد في نفسه شيئا على الإسلام أن يسارع لتعلم الحقيقة ويتدارك نفسه قبل فوات الأوان.
(قُلۡ یَـٰۤأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ تَعَالَوۡا۟ إِلَىٰ كَلِمَةࣲ سَوَاۤءِۭ بَیۡنَنَا وَبَیۡنَكُمۡ أَلَّا نَعۡبُدَ إِلَّا ٱللَّهَ وَلَا نُشۡرِكَ بِهِۦ شَیۡـࣰٔا وَلَا یَتَّخِذَ بَعۡضُنَا بَعۡضًا أَرۡبَابࣰا مِّن دُونِ ٱللَّهِۚ فَإِن تَوَلَّوۡا۟ فَقُولُوا۟ ٱشۡهَدُوا۟ بِأَنَّا مُسۡلِمُونَ). [سورة آل عمران 64].